مسابقة عيون الشباب على التنمية

قراءة في تعقيدات لمشهد السياسي المرتبك

 

الخرطوم : القسم السياسي

مؤشرات لطبخة سياسية على نار ليست هادئة
توقعات بشكيل حكومة غير حزبية خلال أيام قليلة

تمر الساحة السياسية حالياً بتحركات سرية وأخرى ظاهرة في محاولة للخروج من المأزق الذي دخلت فيه البلاد بعد إنقلاب 25 أكتوبر الذي أنهى الشراكة السياسية بين المؤسسة العسكرية وقوى الحرية والتغيير وهي الشراكة القائمة على الوثيقة الدستورية..
لكن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه بقوة، ماهي طبيعة هذه التحركات وما إتجاهها وأهدافها..؟..
للإجابة عن السؤال المطروح أعلاه لابد من قراءة أبرز التصريحات التي تسوق لتسوية سياسية من شأنها تحديد معالم التحالفات المقبلة استعداداً لماراثون الإنتخابات القادمة بنهاية الفترة الإنتقالية، وكذلك لابد من إمعان النظر في تصريحات ومواقف القوى الرافضة لهذه التحركات التي يبدو أنها إقتربت كثيراً من (طبخة) على نار ليست هادئة وكادت أن تستوي على عجل في غياب كثير من الاستحقاقات…
الترويج للتسوية:
قادة حزب الأمة القومي ما أنفكوا يبشرون بإقتراب الوصول لتسوية سياسية شاملة، حيث أكد قادة بالحزب مؤيدين للتسوية أن ( كل القوى السياسية باتت على توافق من أجل التوصل إلى صيغة توافقية تمكن التنظيمات السياسياسية من تقديم تنازلات تمهد الطريق للوصول إلى تفاهمات مع المكون العسكري، في وقت ألمح فيه رئيس الحزب اللواء (م) فضل الله برمة ناصر إلى توافق مهم تم بين الحزبين التقليديين الكبيرين (حزبا الأمة القومي، والإتحادي الديمقراطي) بغرض التوصل إلى حلول تحظى بقبول كل الأطراف المصطرعة لإنهاء الأزمة السياسية الحالية…
ويضاف هذا أيضاً إلى التحركات الوفاقية التي يقوم بها زعيم الحزب الإتحادي الديقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني من منفاه الإختياري بالعاصمة المصرية القاهرة، وهي أيضاً تحركات تمضي بإتجاه ردم الهوة بين المدنيين والعسكريين، وتكوين حكومة غير حزبية بشراكة واضحة بين العسكريين والمدنيين وفقاً للوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى الحرية والتغيير في عام 2019م.
الجبهة الثورية على الخط:
وتنشط الجبهة الثورية أيضاً بإتجاه الوساطة وردم شقة الخلاف بين الفرقاء حيث جاءت في هذا الإطار بمبادرة حظيت بزخم إعلامي ، ولم تمض مبادرة الجبهة الثورية بعيداً عن سابقاتها، إذ أن كل المساعي الجارية حالياً تلتقي عند نقطة التلاقي مع العسكر وتشكيل حكومة غير حزبية، وهو أمر على مايبدو تم بحثه والتوصل فيه إلى خطوط عريضة تمثل عناوين الإتفاق بين القوى السياسية التقليدية وتلك التي شاركت نظام الإنقاذ في الحكم، والحركات الموقعة على إتفاق جوبا، إلى جانب قوى الميثاق الوطني… كل تلك القوى تعمل بوتيرة واحدة ، وتعزف (سيموفونية) واحدة في مقابل قوى سياسية تعمل من أجل اسقاط الوضع الحالي القائم على إجراءات 25 أكتوبر..
إعلان الحكومة المقبلة:
المساعي الجارية حالياً والمشاورات الراهنة بين تلك القوى السياسية التي سبقت الإشارة إليه والمكون العسكري، ربما تفضي إلى إعلان حكومة جديدة من (التكنوقراط) بعيداً عن الأحزاب السياسية، في وقت تداولت فيه وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع إخبارية أخباراً عن قرارات مرتقبة لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان تشتمل إنهاء تكليف ولاة الولايات ووكلاء الوزارات المكلفين، تعيين وزراء جدد لقيادة الفترة الإنتقالية بالإتفاق مع القوى السياسية على أن يتم اسناد رئاسة مجلس السيادة خلال الفترة المقبلة للقيادة المدنية…
وعليه يترقب الشارع السوداني وفقاً لكثير من الإرهاصات والمعطيات إعلان حكومة غير حزبية خلال أيام قليلة مع إحتفاظ أطراف السلام بمواقعها ..
اسقاط الإنقلاب:
وفي موازاة التحركات الجارية حالياً لإنهاء الأزمة يمضي تجمع المهنيين السودانيين وأحزاب بقوى الحرية والتغيير بإتجاه التصعيد في مواجهة إنقلاب 25 أكتوبر بنية اسقاطه، بإعتبار أن مايجري بالتوافق مع بعض القوى السياسية والمكون العسكري هو محاولة للمزيد من التضييق والإقصاء لقوى الحرية والتغيير وإبعادها من المشهد السياسي.وبينما تجري الترتيبات لإعلان حكومة جديدة غير حزبية لإدارة ماتبقى من المرحلة الإنتقالية في إطار توافق سياسي بين المكون العسكري والحركات المسلحة والقوى التقليدية يسعى حزب المؤتمر الوطني المحلول للتسلل إلى المشهد المرتبك ليزيده تعقيداً خاصة بعد طعنه في قرار حله بمايعني عودة نشاط الحزب ومحاولة المشاركة في تشكيل المشهد الجديد في ظل غياب خصومه الحقيقيين وإقصائهم من دائرة الفعل السياسي.
الفراغ السياسي الذي حدث بعد إجراءات 25 اكتوبر وإقصاء القوى الثورية الحية وتفكيك لجنة التفكيك وملاحقتها جنائياً ، هذا الفراغ العريض فتح شهية القوى السياسية التقليدية في تسيد المشهد وإحكام القبضة على مفاصل الساحة ، وإذا كانت الثورة في أصلها جاءت لتضع حداً لسياسات القوى التقليدية وصراعاتها على السلطة وتحجيم دورها فإن تراجع قوى الثورة وإضعافها على النحو الذي يبدو الآن سيعزز قدرات القوى التقليدية ويمكنها من إحكام قبضتها على المشهد ، خاصةً وأن هذه القوى التقليدية والحركات المسلحة على توافق وتقارب مع المؤسسة العسكرية وتجيد التعامل معها على عكس بعض قوى الثورة التي استعدت الجيش عوضاً عن قيادات منه دخلت حلبة السياسة… هذه الحالة من العداء بين قوى الثورة والجيش أوجد مساحات واسحة لقوى إنتهازية لعبت على حبل التوترات بين قادة المكون العسكري وقوى الحراك الثوري ، وتمددت لملء الفراغ الحاصل في الساحة السياسية…

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى