مسابقة عيون الشباب على التنمية

بشروا بها الشعب مبادرة الآلية الثلاثية .. تفاؤل في حقول ألغام

 

الخرطوم / أحمد طه صديق

منذ استيلاء قائد الجيش على الحكومة المدنية  برئاسة د. عبد الله حمدوك وفرض واقع سياسي جديد بديل لقوى الحرية والتغيير الشريك المدني في الحكم مع العسكر في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي وما صاحبه من رفض واسع في الشارع السياسي والثوري بقيادة لجان المقاومة إنطلقت العديد من المبادرات من جانب القوى السياسية في السودان لحل الأزمة في ظل واقع سياسي وإقتصادي وأمني مأزوم لكنها كلها ظلت تواجه إما بالرفض المطلق من لجان المقاومة والحزب الشيوعي أو التحفظ الجزئي من قوى الحرية والتغيير .

فعلى الصعيد المحلي أعلن حزب الأمة عن مبادرة  يتزعمها رئيس الحزب فضل الله برمة لم يكشف تفاصيلها لكنها ظلت فيما يبدو رهينة بموافقة الحكومة برئاسة رئيس مجلس السيادة متزامنة مع رفض كبير لها حتى من مركزية (الحرية والتغيير) التي ظلت ترفض مبدأ الشراكة مع العسكر لكنها لم ترفض التفاوض المفضي لتأسيس حكم مدني يحصر الجيش في المهام العسكرية والأمنية ، بل إنه  حتى شريك العسكريين في مجلس السيادة الجبهة الثورية اعلنت عن مباردة لها قالت إن مؤشراتها تشمل  بحسب  تصريحات (لعضو المجلس الرئاسي للجبهة مصطفى تمبور  ( للشرق)، أن المبادرة تستهدف جميع الأطراف.

وأوضح أنها ستكون على مرحلتين الأولى تشمل المكون العسكري، وقوى الحرية والتغيير بكل فصائلها، وأطراف السلام، فيما تشمل الثانية باقي الأحزاب والإدارات الأهلية، والطرق الصوفية، والطوائف المسيحية وغيرها من الفاعلين السياسيين في البلاد.

وأشار إلى أن المبادرة تهدف لتقسيم هياكل السلطة في البلاد إلى مجلس سيادة، ومجلس أمن ودفاع، وحكومة تنفيذية، ومجلس تشريعي.

وأشار إلى أن مجلس السيادة سيتم تقليصه لكن عدد أعضائه ورئاسته سيحدَّدان من خلال جلسات الحوار، فيما يضم مجلس الأمن والدفاع القائد العام للجيش ورئيس أركانه، وقائد الدعم السريع، ومدير جهاز المخابرات العامة، إلى جانب رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع والحكم الاتحادي، إضافة إلى ممثلي الحركات المسلحة الموقعين على إتفاقية جوبا.

وأشار إلى أنه بينما تتولَّى الحكومة الشؤون التنفيذية، فإن المبادرة تنص على تشكيل مجلس تشريعي، يضم (300) مقعد، منها (100) للجان المقاومة التي تقود الإحتجاجات، و(75)لأطراف السلام، فيما تقسم البقية على الأطراف السياسية، لافتاً إلى أن العدد الكلي متروك للحوار.)

بيد أن المتابعين للشأن السياسي في السودان يستبعدون موافقة الأطراف السياسسية الفاعلة لها بإعتبارها لم تقطع بعبارة صريحة إبعاد العسكريين من الحكم سيما في مجلس السيادة وهي نقطة جوهرية تمثل اس الاحتجاجات العارمة التي تقودها لجان المقاومة فضلاً على حيازة الحركات المسلحة  على ما يقارب الثلث في المجلس التشريعي قد لا يتم قبوله عطفاً على مواقف السياسية لهذه الحركات المتناغمة مع العسكر والجهات المدنية المتحالفة معهم مما يشكل إخلالاً بالتوازن السياسي داخل المجلس الذي من المتوقع أن يضم جهات أهلية وطائفية محسوبة على سلطة الحكم الحالية الآن .

مبادرة الآلية الثلاثية

ظلت بعثة الأمم المتحدة (يوناتميس) برئاسية فولكر بيتيس تحركات ماكوكية بين الأطراف السياسية في السودان وسط توجسات متبانية من القوى السياسية ففي وقت سابق اتهمت العديد من القوى السياسية من بينها لجان المقاومة وتجمع المهينين رئيس البعثة بإنه يحاول إعادة الشراكة مع العسكر وعقب تقديم بيانه في مجلس الأمن وإنتقاده للحكومة في طريقة تعاملها مع المظاهرات السلمية وإشارته إلى إنتهاكات إرتكبتها قوى الأمن السودانية بدأ العسكر في مجلس السيادة يضيقون بتحركات فولكر في الساحة السياسية بالداخل واتهموه بتجاوز مهامه الرسمية التي كلف بها وألمح رئيس مجلس السيادة بطرده من البلاد .

جهود مشتركة

ومع وصول وفد الإتحاد الإفريقي بدأت بعثة الأمم المتحدة يونتاميس توحيد جهودها ثم امتد التعاون المشترك مع بعثة إيقاد ( الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا)   التي سبق أن اعلنت في 11 يناير الجاري عن مبادرة لتسهيل الحوار بين كل الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السودانية التي يمثلها السفيرإسماعيل وايس .

وكانت اللجنة الثلاثية المشتركة قد إلتقت برئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وأوضح ممثل الإتحاد الإفريقي بالسودان الناطق الرسمي باسم الآلية الثلاثية محمد بلعيش في تصريح صحفي أمس  الأول : أن الآلية قدمت لرئيس مجلس السيادة، تنويراً شاملاً، بشأن نتائج جهودها خلال الفترة الماضية وآفاق الخروج من الأزمة الراهنة باستعادة النظام الدستوري المدني.

وقال بلعيش إن الآلية تسعى من خلال ما تبذله من جهود لبناء توافق سياسي  لا يستبعد أحد ، مبني على أوسع نطاق من التوافق بين السودانيين مشيراً إلى أن الحل للأزمة في السودان يجب أن يبنى على أساس روح التراضي ويتخذ منهج التدرج في تناول أربع قضايا أساسية تشمل الترتيبات الدستورية، معايير إختيار رئيس حكومة (التكنوقراط) وأعضائها، برنامج عمل يتصدى للإحتياجات الأساسية والمستعجلة للمواطن وخطة زمنية دقيقة ومحكمة لتنظيم إنتخابات حرة ونزيهة.

وأضاف أن فريق العمل المشترك بالآلية الثلاثية شدد على ضرورة إتخاذ إجراءات تهيئة المناخ الملائم للحوار السوداني بما في ذلك إطلاق سراح الموقوفين ورفع حالة الطوارئ وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وعدم حدوث إنتهاك لحقوق الإنسان.

وعبر بلعيش عن تفاؤله بحدوث إختراق وشيك في الأزمة الراهنة، وقال: (أبشر إخواني وأهلي في السودان أنهم سيطلعون قريباً على ما يسرهم ويثلج صدورهم).

تفاؤل في حقل ألغام

يرى المراقبون إنه رغم التفاؤل الذي عبر عنه الناطق الرسمي بإسم الآلية الثلاثية إلا إنه يظل مسار تحفظ كبير بالنظر إلى الواقع السياسي الحالي والمواقف المتبانية بين المكون العسكري وحلفائه من المدنيين والقوى الثورية في الشارع والساحة السياسية حول تكوين حكومة مدنية خالصة يبتعد فيها الجيش عن مفاصل السلطة وهو ما لم تشر إليه المبادرة علاوةً على إن قوى الثورة ترفض مشاركة القوى السياسية التي شاطرت نظام المؤتر الوطني الحكم حتى سقوطه بينما تشير المبادرة بإنها لن تستثني أحداً بحسب تصريح الناطق الرسمي .

كما إن موافقة أحزاب عريقة مثل حزب الأمة والإتحادي الأصل على المبادرة لن يعطيها القوى المطلوبة ويفرض واقعاً جديداً في الساحة السياسية يمكن أن يمتص حالة عدم الاستقرار ويوقف الإحتجاجات التي تنظمها لجان المقاومة حيث أن كلا التياريين يستندان على قوة طائفية عملت المستجدات الزمنية المتمثلة في إندياح الوعي السياسي والفكري للشباب على إضعاف ساستها التي تستند وتتوكأ عليها على الأرض .

وعليه يرى المراقبون إن تفاؤل الآلية بتحقيق تباشير مفرحة للشعب السوداني تبدو وكأنها (يوتوبيا) سياسية تحلق  بعيداً و قد  تهبط على حقول ألغام لا أحد يتوقع مآلتها مالم يتم معالجة جزورالأزمة التي يبتعد عنها كل المبادرين ويلفون حول أسوارها دون إيجاد دواء لها مهما كانت مرارته التي إن أوجعت فئة فإنها قد تسعد آخرين كثر هم قد يكونوا هم  من يصنعون مستقبل ونهضة بلادنا الجريحة .

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى