محجوب مدني يكتب: إن أريد إلا الإصلاح

محجوب مدني
حينما تحول الحكومة البلد إلى بيت عنكبوت.
أن يبحث رجال الأعمال عن فرص استثمار في مجال خدمات المواطن فمعذورون؛ لأنه لا يمكن ان يهب رجل الأعمال أمواله للمواطنين من أجل توفير الحياة الكريمة لهم.
فالأمر الطبيعي أن يختار رجل الاعمال المجال الذي يحفظ به ماله، ويستطيع من خلاله أن يتكسب ويربح منه، فلا أحد يلومه إن استثمر في صحة المواطنين، وفي تعليمهم، وفي معاشهم، وسكنهم.
لكن الغريب حقا أن تترك الحكومة كل هذه المجالات التي تهم المواطن بل لا يستطيع أن يعيش بدونها لرجال الأعمال، وكأنها تريد من الكل أن يصبحوا تجارا ورجال أعمال.
أين يذهب موظفو الدولة بكل شرائحهم أمام هذا الغول الذي يدعى المستثمر؟
أين يذهب أبناؤنا وسط هذا الغول الذي يدعى المستثمر؟
من الذي يمنحهم التعليم؟
أليس هذا المعلم في حوجة للعلاج؟
وفي حوجة إلى تعليم أبنائه؟
كيف يحصل على ذلك واللغة التي تسيطر على البلد هي لغة المستثمر، ولغة رجل الأعمال؟
فإن كان صاحب الدخل المحدود لا يفهم لغتهم، فسوف يموت بمرضه، وسوف يحرم ولده من التعليم.
فهذه هي المفارقة يا حكومة الهنا.
صحيح أن الخدمات بكافة أنواعها يمكن أن تتوفر في البلد من خلال القطاع الخاص
لكن ألم تسألي نفسك أيتها الحكومة هذا السؤال:
كيف لصاحب الدخل المحدود، وموظف القطاع العام أن يعيش في بلد لا يوجد في الساحة فيه سوى المستثمر؟؟!
فإن أراد أن يعالج ابنه فلن يجد أمامه سوى المستثمر الذي يطالبه بالفاتورة حتى قبل أن يبدأ الفحوصات والعلاج.
وإن أراد أن يعلم ابنه وفلذة كبده هذا الابن الذي يمثل الطاقة التي تجعله يمارس بها وظيفته لن يجد سوى المستثمر أمامه حتى يعلمه.
لفت انتباه أحدهم صرحا شامخا فوقه لوحة مضاءة بالألوان فوقف مشدوها سائلا البواب عن كنه هذا الصرح؟
فرد عليه البواب ساخرا هذا مشفى به كل ما تحتاج إليه أنت وأسرتك ثم أردف كلامه قائلا – وهنا بيت القصيد – لكن إن لم يكن جيبك مليئا بال(دولارات) أنصحك بألا تدخل فيه.
فهذه هي الحقيقة التي أصبحت واضحة، ولم تخف حتى على البواب.
فهذه السياسة للحكومة حولت البلد إلى بيت عنكبوت، فإن كان العنكبوت ينسج بيته ليقوم بعد ذلك بأكل أبنائه.
فكذلك الحكومة حينما تحول البلد إلى مشروع كبير يتحكم فيه رجال الأعمال، فكأنما تبني البلد بهؤلاء المستثمرين؛ لتقوم بعد ذلك بأكل أبناء البلد، فهذا بالضبط مثل ما يعمل العنكبوت مع أبنائه.
فلك الله يا صاحب الدخل المحدود