وأنتم الأعلون لو كنتم تعلمون!؟

بقلم : عبد الله كرم الله
سبحانه جل شأنه في مخاطبة أهل الحق الضعفاء أمام أهل الباطل بكل رياء، فالمخلوق الآدمي وإن تسلح بسلاح الحق أمام جحافل الباطل بكل ذق، قد يعتوره هوان على نفسه وفقدان لثقه في مستقبله بتداعي أمسه، ولعل خير من تجسد فيه ذلك هو رسول الرسل أجمعين المصطفى صل الله عليه وسلم من كل السامعين، يوم ناجى ربه في لحظة ضعف بشري قائلاً له: إن لم يكن بك غضب مني فلا أبالي. لذا بعدها أحس بمدد رباني ثبت القلب بزاد وجداني، وما أشبه الليلة بالبارحة وبقول رب عالم بالخافية والصارحة، فإنه يمهل ولكن لا يهمل من كان في ضلالة يرفل، (مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا) (مريم:75) صدق الله العظيم، لذا فأهل الضلالة والتضليل مد لهم مداً أكثر من عقود ثلاث لعلهم رجعوا أو يتراجعون عن إدعاء كاذب باسم دينه الحق وبكل إبخاس، لذا حين بلغ السيل الزبى لم يكن أمامه إلا جرف التطرف عن وسطيته المعتدلة، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)(البقرة:143).
هذه مقدمه لابد منها كي نحدد معالم الوسطية التي فرضها سبحانه رب البرية بعيداً عن التطرفات اللاهية، فالذي لا شك فيه بأن قوة الوسطية في وطننا الحبيب الذي رزء بتطرفات عدمية تتمثل من الشعب الصابر بما إرتكبته التصرفات (الأربعأأ)الأوقيغغعتغفبتفبعاقصيرة قصر الأصبع، شعب بشبابه الوطني المقاوم لكل زيف بنفس هاديء، شعب هب ضد عبود العسكري وأسقطه لتعود التطرفات المسقطة لتقود، ولضعف التطرفات في الحكم لتسود ليتولى الأمر مرةً ثانية الحكم العسكري المتخبط بين اليسار وما بين اليمين ليسقطه الشعب أيضاً كمتآمر هابط، وثالثة الأثافي الإنقلاب العسكري الأخير الذي إنبثق من ليل التأمر بشعار زائف (هي لله لاللسلطة ولا للجاه) والله يعلم بأنهم لكاذبون بهذا الشعار، وكان سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد الذي يمهل ولا يهمل إلى أن سلط عليهم أطيب شعب بمقاومة وطنية من شبابه خاضت كل صعب، ولعل أصدق شهادة في حق سقوط أزيف نظام حكم مر على السودان شهادة خير شاهد من أهلها السيد على أحمد كرتي حين صرح أخيراً بأنه لم يفاجأ بسقوط دولة حركته الإسلامية، لأنه بما حسه في نفسه وفي نفوس غيره من (الكيزان) بأنه نظام حكم آيل للسقوط مهما طال به الزمان، وبسقوطه في عاصمة (التكوين) أي الخرطوم تداعت كل النظم المتناظرة له في العالم الإسلامي تماماً كما سقط التطرف اليساري في موسكو وتداعت الشيوعية بالسهر والحمى إن كنتم أنتم أو غيركم، فهل سأل سائل وإن كان بعذاب واقع من الكيزان، هل الإسلام الحنيف يحض على الإستيلاء بقوة السلاح على الحكم اللهم إلا بالاختيار الحر وبكل إنشراح، وهل الإسلام يحض كل من هب ودب أن يعب من بيت مال المسلمين بالمليارات ومن الذهب بكل العيارات ومن الزرع بالأرادب؟؟، فأين منكم سيد الرسل أجمعين (ص) وخليفتيه الميامين (ر) وبيت مال المسلمين على مرمى حجر منهم ولكنهم حرموه على أنفسهم، وغير كرتي الكثير من الإخوان الذين عافوا (الفرتي) وبعد السقوط أضحوا يقولون: يا إلهي هل كنا على هذه الدرجة بعيدين من الله؟ فأبعدنا وليت أن نعيد الفكر في كيفية الموالاة، فلعنة الله على التطرف والمتطرفين، ذلك التطرف الذي بدأه إبن نوح حين جنح عن أبيه قائلاً: (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء … فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)(هود:43)،وليرسخ هذا التطرف متطرفي اليهودية (الصهيونية العالمية) وليشكلوا التطرف المسيحي حركة (الكوكلسكلان)
والتي كانت تحرق عباد الله في الكنائس لإذعان، بل هم من نقل ثمر شجرة الزقوم لمتطرفي الدين الإسلامي عن وسطية العموم أي (الكيزان).
- ما يتبع؟
الحق أحق أن يتبع وحقيقة العلم السوداني المقدس كرمز والمعتمد أن (مثلثه) الأخضر قاعتدته مرتكزة على (اليمين) ورأس المثلث متهجة لليسار، لكن ماذا نفعل مع راكب رأسه واتبع (الهوى) الذي عكس شكل المثلث، لذا تجد كبار المسئولين يجلس تحت ظلال المثلث العكسي، يا عالم أرجعوا إلى دار الوثائق المركزية المعتمد فيها العلم الرسمي ولو إمتطيتم تاكسي!.
- ما بين الغنى والفقر؟
قال حكيم إفتاء صدر الإسلام المعطاء (سيدنا علي بن أبي طالب): لو كان الفقر رجلاً لقتلته، وقد مكانا لهذا الرجل الآن في حياتنا، إذ ما إغتنى جاهل آثم إلا ودفع ثمن ذلك فقير عادم.
- الحزب الجديد الذي نريد؟
قالوا لي كثيراً ما كتبت عن أن أحزابنا (الأربع القصيرة) قد إستنفذت أغراضها وجدواها وبحيث صارت إلى أكثر من أربع وأربعون حزباً، ولكنك لم تقترح علينا اسم حزب جديد سديد؟ فقلت: ولماذا جديد والقديم فقط يحتاج إلى بعث سديد! فما هو؟ هو (الحزب الوطني الإتحادي) الذي أسس له الجدود قبل الرقود في اللحود بل وقبل نيل الإستقلال في سنة 1956م، حزب أجمع عليه الشعب بأغلبية مطلقة ليتولى أمر الدولة بعدأن يرحل المستعمر، فقد كان حزب المؤسسات الثابتة والراسخة في الحكم بحيث أن يكون القرار قرار المؤسسة لا قرار فرد أو عسعسة، لكن لقاء (السيدين وئداه) فهل من بعث ياولداه؟
- الحوار الوطني رطني؟
لا ينبغي على خلصاء الوطن عقد الأمل على ما سمي بالحوار الوطني، لأن المتحاورين حيران وكل حوار له فكي أو شيخ مربوط به في أحد الأركان، لذا تجد أي محاور منهم حين يعطى فرصة نضم يبدأ بـ: يأخوانا الحكاية ما كدا … الحكاية في رأيي الصحيح إننا عدي! كيف؟ أقول لك يا ظريف، هؤلاء كان لهم في التاريخ اليوناني أقران في هذا الجدل عديم الجدوى ألا وهم (السوفسطائيون) ما أن يطرحوا عليك قضية فكرية وتؤمن بها معهم ميه في المية، إلا ويطرحوا عليك نقيضها باعتبار إنها الأفضل عن طريدها ، وهكذا دواليك دونما نهاية إن كانت الوسيلة أو الغاية.
- المنحاز؟
المنحاز فكرياً لا يرى الحقيقة على حقيقتها بكل جلاء، لأنه بعين واحدة وعوراء، الإستاذ/أسحاق أحمد فضل الله الذي كتب: (… وأمريكا تعلم أن كلمة (إنتخابات) تعني عودة الإسلاميين، وعودة الإسلاميين تعني الثبات….)! بالطبع قد لا يعلم فضل الله بان (الإسلاميين) خاضوا كل الإنتخابات الحرة الثلاث الأساسية ولم يضعهم الشعب إلا في ذيل خياراته، فأنى لهم بعودة إنتخابية ممن طردهم شر طردة، طرد ولية ناشذ ساعة عصرية؟، لكن إن كان يقصد بكلمة (إنتخابات) على أساس اللعب بالثلاث ورقات كما في نظامهم الفات فالمغني الأبكم قد مات.
- وصية:
أجمل ما قرأته ف (الجداريات) العظيمة روح شهيد توصي: (يا حيين أبقوا عشرة على حياة الملايين ).