مسابقة عيون الشباب على التنمية

ما بين اختلالات السياسة وزلزال الاقتصا..  هجرة الأسر.. هل سيتحول السودان إلى أرض للأشباح؟

مصدر قنصلي: عدد الذين يحصلون على تأشيرة مصر بين (2000) و (2500) شهرياً
غرفة البصات: عدد المهاجرين إلى مصر العام الماضي (350) ألفاً والمتوسط اليومي (1000) مهاجر
وكالة: ندخل ما لا يقل عن (15) جوازاً يومياً في القنصلية للحصول على تأشيرة
اجتماعي: السودان أصبح طارداً لسكانه والتدهور الاقتصادي أثر بصورة كبيرة في استقرار الأسر
حماية المستهلك: ضعف الإرادة السياسية وتدهور الخدمة المدنية أجبرا كثيراً من الكفاءات على الهجرة
مواطن: إذا استمر الحال على هذا الوضع سوف يُترك السودان للأجانب ويصبح السودانيون لاجئين
مهاجر: المعيشة في مصر أفضل من السودان و (2000) جنيه مصري تعيشنا ملوكاً
مواطن: يمكن أن تمتلك شقتين في القاهرة بمبلغ لا يشتري لك قطعة خالية في ضواحي الخرطوم
مواطن: طلب الفول في السودان بلغ أكثر من (500) جنيه وفي مصر بخمسة جنيهات لذلك هاجر الكثيرون
تحقيق: خديجة الرحيمة
أرقام فلكية ومهولة عن تزايد نسبة الهجرة العائلية شهدتها البلاد أخيراً بعد تفاقم الأزمات، وزادت في الأونة الأخيرة نسبة الهجرة خاصة وسط الشباب والأسر والكوادر الطبية، ولا يخفى على أحد ما تمر به البلاد من ضائقة معيشية وأصبح السودان بلداً طارداً لشعبه.
والخطير في الأمر أن الجميع أصبح يفكر في الهجرة، وكشف عدد من المهاجرين لـ (الإنتباهة) عن أسباب هجرتهم، حيث قال المواطن موسى محمد ان الاوضاع المتردية بجانب عدم الاستقرار السياسي والأمني أجبرته على الهجرة مع أسرته، مشيراً الى أن المعيشة وغيرها في مصر أقل بكثير من السودان، وأضاف قائلاً: (المعيشة هنا أرخص من السودان وكل شيء متوفر وفي متناول اليد، والسكن هنا أقل من السودان، ويمكن أن تمتلك شقتين في القاهرة بمبلغ لا يشتري لك قطعة خالية في ضواحي الخرطوم).
ومن جهته قال الامين العام لغرفة البصات السفرية حسن عبد الله حمد لـ(الإنتباهة) ان عدد المسافرين الى مصر يومياً يبلغ (960) مسافراً مقابل 20% من العائدين، مؤكداً أن هذه هجرة.
وفي ذات السياق أكد مصدر رسمي بالقنصلية المصرية أن متوسط عدد الذين يحصلون على تأشيرة دخول الى مصر شهرياً يتراوح ما بين (2000) و (2500).
أرقام مخيفة
وطبقاً للإحصائيات الرسمية التي تحصلت عليها (الإنتباهة) من اتحاد غرفة البصات السفرية، فإن (350) الف مهاجر غادروا البلاد خلال العام الماضي.
وقال الأمين العام لاتحاد غرفة البصات السفرية حسن عبد الله حمد إن متوسط الرحلات اليومية الى مصر يتراوح بين (17) و (22) رحلة، مشيراً الى أن عدد الركاب يتراوح بين (960) و (1000) راكب يومياً والعودة بنسبة 20% فقط، مؤكداً أن جميعهم مهاجرون، وأضاف قائلاً: (القصة ليست سفراً وانما هجرة الى مصر، وهناك (30) الف مهاجر يغادرون البلاد شهرياً، والبصات تعود من هناك محملة بالبضائع فقط).
ومن جانبها كشفت مدير وكالة (إكس لاند) صفاء الحاج عن إدخالهم يومياً ما لا يقل عن (15) جوازاً في القنصلية للحصول على تأشيرة، ووصفت ذلك بالإحصائية المخيفة والكبيرة، وعزت ذلك لعدم توفر مقومات الحياة الطبيعية بالسودان.
وضع أفضل
وبالحديث عن أسباب تزايد أعداد المهاجرين الى مصر يقول المواطن موسى محمد لـ (الإنتباهة) إن الاسباب التي دفعته للهجرة مع عائلته عديدة، منها عدم الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد، بجانب تردي الوضع الاقتصادي وعدم استقرار العام الدراسي، وقرر الهجرة شمالاً نحو الجارة مصر لما تتميز به من عوامل مشتركة بينها وبين السودان كاللغة وسهولة التنقل وغيرها، إضافة لرخص المعيشة وتوفر كل شيء مقارنة بالسودان، ومضى قائلاً: (اما بالنسبة للسكن هناك فإنه أقل تكلفة من السودان، والخيارات متعددة، ويمكنك أن تمتلك شقتين في القاهرة بمبلغ لا يشتري لك قطعة أرض في ضواحي الخرطوم).
أما المواطنة مريم التي لديها أربعة اطفال فقد قالت لـ (الإنتباهة) إنها فضلت الهجرة الى مصر بحثاً عن تعليم وصحة ومعيشة افضل من السودان، واشارت الى ان الاقامة في القاهرة اقل تكلفة من السودان، واضافت قائلة: (الفين جنيه مصري بتعيشنا ملوك اقعد في السودان ليه؟) مؤكدة ان تكلفة تعليم ابنائها الاربعة في مصر تعادل تكلفة تعليم واحد منهم في السودان، واردفت قائلة: (لو استطعت في المستقبل سوف انقل كل اسرتي الى مصر، وانصح الجميع بالمجيء الى مصر كي يعيشوا بسلام ويبتعدوا عن جشع السودانيين متمثلاً في ارتفاع سعر كل شيء، وحتى الايجارات التي اصبحت هماً يلازم المواطن في النوم).
وفي ذات السياق يقول المواطن إسحاق خالد لـ (الإنتباهة) انه يقيم في مصر لعشر سنوات مع اسرته ولديه خمسة اطفال، وأضاف قائلاً: (عندما قررت العودة للوطن وجدت ان المعيشة اصبحت صعبة ولا احد يستطيع ان يعيش في السودان الا أصحاب الدخل المجزي)، مشيراً الى انه عاد الى مصر مجددً، وأردف قائلاً: (نحن دولة ليست فقيرة ولكن تردي الاوضاع الاقتصادية جعل الكثيرين يفرون من العيش في السودان)، وتساءل قائلاً: (لماذا الصحة والتعليم في مصر افضل على الرغم من وجود كفاءات بالسودان؟), ونوه بأن الحال استمر على هذا الوضع سيُترك السودان للاجانب، ويصبح السودانيون لاجئين، والله المستعان.
وضع طارد
وفي هذا الإطار يقول الطبيب محمد حسن لـ (الإنتباهة) انه لا يفكر في الهجرة الى خارج البلاد، مشيراً الى أن الوضع اصبح طارداً للمواطن السوداني، لافتاً الى عدم وجود تقييم للمواطنين خاصة الاطباء، وأضاف قائلاً: (الدخل اصبح غير مجزٍ، وراتب العامل بأحد المطاعم اكثر من راتب الطبيب)، منوهاً بأن الوضع في مصر أفضل وأن 90% من السودانيين المقيمين في مصر لديهم شقق تمليك، وقال: (يمكن ان تمتلك شقة في مصر في فترة وجيزة، اما في السودان فيمكن ان تعمل (20) عاماً ولا تمتلك غرفة)، مؤكداً أنه قام ببيع منزل أسرته في السودان واشترى ثلاث شقق في مصر، وانه يعيش الآن في وضع يحلم به كل انسان، على حد قوله.
ضائقة معيشية
وبالحديث عن اعداد الاسر المهاجرة الى جمهورية مصر، قالت مدير إحدى وكالات السفر لـ (الإنتباهة) ان الهجرة العائلية المتجهة الى مصر اصبحت كبيرة، مشيرةً الى ان اسباب الهجرة تعود الى الضغوط المعيشية، مبينةً ان المعيشة في مصر افضل من السودان، واضافت قائلة: (يمكن ان تبيع منزلك في السودان وتشتري شقة وسيارة وتعيش بالمتبقي في مصر، واذا قمت بالعمل في اي شيء يمكن أن تنعم بعيشة رخية وآمنة، وطلب الفول في السودان بـ (500) جنيه اما في مصر بخمسة جنيهات)، منوهة بأن مجيء السياح الى السودان توقف بسبب عدم الاستقرار وتقاطعات الوزارات ووجود مشكلات في الفيزا، واردفت قائلة: (مصر بها تساهيل في كل شيء، لذلك أصبح الاقبال عليها من قبل السياح والمهاجرين كبيراً جداً، اما السودان ففيه ضغط وعدم تساهيل).

ومن جانبها قالت مدير وكالة (إكس لاند) صفاء الحاج لـ (الإنتباهة): (ان معظم السودانيين اتجهوا الى مصر وتركيا نسبة لتوفير الخدمات في تلك البلدان)، مشيرة الى أنهم يومياً يقومون بإدخال ما لا يقل عن (15) جوازاً في القنصلية المصرية للحصول على التأشيرة، ووصفت ذلك بالإحصائية الكبيرة، وأضافت قائلة: (نحن وكالة واحدة وتأتينا كل يوم هذه الأعداد، ولا أعلم شيئاً عن بقية الوكالات، والسودان أصبح بلداً ليست فيها مقومات الحياة الطبيعية، وهناك ارتفاع في الأسعار بدون رقابة والناس باعت أملاكها ومشت استقرت في مصر، وانا كمان عارضة ممتلكاتي للبيع، واول ما أبيعها سوف أستقر في مصر).
ظاهرة مهددة
وبحسب استاذ علم الاجتماع اشرف ادهم، فإن هجرة العديد من الاسر السودانية الى جمهورية مصر مؤشر يوضح الى اي مدى اصبح السودان طارداً لسكانه واصبح التدهور الاقتصادي يؤثر في استقرار الاسر، وأشار في حديثه لـ (الإنتباهة) الى ان الهجرة الى مصر من اجل الحصول على غذاء وصحة وتعليم افضل بكثير مما هو موجود في السودان، وقال: (هذا يجعلنا نفسر لماذا تهاجر هذه الأسر الى مصر كثيراً، على الرغم من ان هناك اسراً تهاجر الى دول اخرى، والمجتمع المصري قريب من المجتمع السوداني، لذلك الأسر السودانية لا تجد صعوبة في الاندماج، وامكانية الحصول على الخدمات بصورة سهلة وجيدة في مصر هي التي تدفع الاسر الى الهجرة)، مؤكداً ان هذه الظاهرة اصبحت مهددة لاستقرار الاسر في السودان.
خبرات أكثر وعلاقات أقل
وبالحديث عن الآثار الاقتصادية للهجرة العائلية يقول رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك حسين القوني لـ (الإنتباهة): (ان الظروف المعيشية والخدمات الصحية في مصر افضل من السودان، والذين فضلوا العيش في مصر تمكنهم ظروفهم من ذلك، ولكن بالمقابل افتقدوا العلاقات الاجتماعية التي تشتهر بها الاسر السودانية)، لافتاً إلى ان الهجرة العائلية لها تأثير كبير في الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وقال: (والعزاء انه مهما اكتسبوا من خبرات ومعارف وتجارب في دول المهجر فإنهم سوف يعودون بها الى السودان لتطويره، والسودان غني بموارده، ولكن ضعف الإرادة السياسية وتدهور الخدمة المدنية اجبرا الكثير من الكفاءات على الهجرة)، مبيناً أن الهجرة من الاسباب التي ادت الى افراغ البلاد من الكفاءات التي يمكن أن تساعد في تطوير النشاط الاقتصادي، واثر ذلك سلباً في قدرة السودان على ادارة موارده، لافتاً الى أن كثيراً من الأسر التي هاجرت مازالت متصلة ببقية الاسرة في السودان، مؤكداً أن الهجرة اثرت في الاقتصاد والاستثمار بصورة كبيرة، مناشداً الحكومة تبصير المهاجرين بمآلات المستقبل وضرورة الارتباط الاكثر بالوطن، حتى لا يستحوذ الاجانب على موارد وامكانات البلاد في غياب أبناء الوطن المهاجرين.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى