مسابقة عيون الشباب على التنمية

فى الواقع.. مهارات التعامل مع القادمين بمطار الخرطوم

بدرالدين عبدالمعروف الماحى

أتيحت لي فرصة المشاركة وحضور دورة تدريبية في مهارات التعامل مع الجمهور في المطارات لضباط وضباط صف بإدارة الجوازات وأمن المطار والجمارك في تلك الدولة العربية المهمة، نظمتها الهيئـة البريطانيـة ركزت على تأهيل وتنمية مهارات منتسبيها في مجال العمل الأمني المتعلق بالجوازات والجمارك، وتطبيق الجوانب الأمنية في حركة دخول وخروج المسافرين من وإلى الدولة، وحث المشاركين على المواظبة والمتابعة خلال الدورة وعلى بذل مزيد من الجهد لتطوير مهاراتهم والاستفادة مما يتلقوه من معلومات وتطبيقه في مجال عملهم في قسم جوازات المطار، وهدفت الدورة إلى تزويد المتدربين بالمعارف والمهارات والميول اللازمة لتقديم خدمة مميزة والمحافظة على أفضل سلوك للتعامل مع المسافرين والجمهور من خلال محاضرات نظرية تتطرق إلى عدة نقاط، منها واجبات ومسؤوليات موظفي الخط الأول في المطار، ومهارات التواصل مع الآخرين، وتحليل أنماط الشخصيات والسلوك الإنساني، ودراسة وتوقع ردود أفعال الناس والسيطرة على المواقف التي تفرضها بعض الظروف الخارجة عن الإرادة حتى تجد ذلك القبول عند القادمين أو المسافرين عبر تلك المطارات، لاسيما المسافر يكون دائماً في حد (تنشنة) حتى وصوله إلى الوجهة التي يقصدها، والواقع الذي رأيته في تلك الليلة أثبت لي بأننا بعيدين كل البعد عن كثير من التأهيل والتدريب، ونحتاج لجراعات كبيرة لمعالجة كثير من قضايانا.
أذكر أنى دخلت بطريقة رسمية إلى داخل صالة الوصول بمطار الخرطوم الدولي) وأنا استقبل أخي وصديقي (أبوخالد) القادم من إمارة دبي بعد طول غياب، كنت في إنتظاره جلوساً خارج دائرة الجمارك ولكن إنتظاري طال فقد أعلنت سلطات الطيران عن وصول الرحلة رقم «631» فلاي دبي والقادمة من دبي وصديقي أعلم أنه خفيف في هذه الرحلة فظروف طارئة أجبرته على أن يقرر الحضور في نفس اليوم، سألت من يجاورني (إنت فلاي دبي نزلت)؟ فأجابني بنعم.. وليها ساعة!! إحترت فالإجراءات حسب علمي والمرور من الجوازت لا تأخذ كل هذا الوقت وأعلنت الموظفة بمكبرات الصوت عن وصول رحلة (ناس) من جدة وعقبها إعلان عن وصول القطرية مما دعاني إلى التحرك صوب نقطة العبور إلى استلام الحقائب أو النقطة النهائية للقادمين بدون عفش ولمحت صديقي بين تلك الصفوف خلف جهاز تفتيش الأغراض الشخصية خلف نقطة الجوازت، وقد زادت همه وغضب واستياء من كل الواقفين بينهم امرأة كبيرة في السن إتكأت على طاولة الموظف وراحت في سابع نومة!! لم اجد استفساراً عن طول الإنتظار أو أعرف المشكلة، إلا بعد ظهور ضابط أمن الطيران بزيه المعروف وهو نفسه مستفسراً عن الحاصل!! سأل فرد الأمن «وين جنابو»؟؟ همس له سمعته (بتعشوا في المكتب داك وأشار إليه بيده») !!!لم يتحرك ضابط الصالة، بل وقف منتظراً كما القادمون ولكني تحركت أنا إلى المكتب المعني في آخر الصالة وجدت مجموعةً من الضباط بمختلف الرتب معظمهم ملازمين وهم في حالة من الإنسجام والونسة والقرقرة والهظار والنقاش في مسائل لا تمت بصلة للعمل، وبينهم مالذ وطاب من المشاوي والسندوتشات!! لم يهتموا بدخولي وخروجي من المكتب الذي هم فيه وإنتظرتهم ربع ساعة حتى خلصوا من العشاء والمسافرين القادمين في الإنتظار وتعالت الأصوات وبينهم أكثر من جنسية أجنبية!! هنا توجه أحدهم برتبة ملازم إلى تشغيل جهاز التفتيش الإجباري والمهم لأغراض هؤلاء المحمولة في الأيدي وهذا الجهاز الذي ظل متوقفاً عن التشغيل من الساعة 9 ونصف تقريباً وحتى وصول الرحلة المعنية في الحادية عشر إلا ربعاً مساءً، وصلت معه إلى حيث التجمهر والتذمر وسأل الركاب بطريقة غير مقبولة ما لكم في شنو؟؟ تصدى له أحدهم غاضباً يا جنابو كيف في شنو ونحن واقفين لينا ساعة؟؟ رد عليه (طيب نعمل ليكم شنو ما نتعشى يعني)؟؟؟ما تقيفوا لاحقين شنو أنتو؟؟ نعم.. والله كان هذا رده لم يعجب رده كل الحضور حتى أفراد الأمن في الطاولة التي تراجع الجوازت والأختام لم يعجبهم رد الضابط، بل شكا لضابط الصالة وأنا موجود من ذلك التصرف وهذا التأخير خاصةً وأن التكدس يكون بنفس الطريقة امامهم طالما إن الدخول صادف نزول ثلاث طائرات أخرى في ذلك الزمن، إنتهى الأمر وأدار الضابط جهاز التفتيش وفك أسر هؤلاء المنتظرين وكأن شيئاً لم يكن !!! هذا حال موظفي دولتنا الرشيدة التي تدير كل شيء بالمجاملات و«المعلشة» فما حدث في مساء تلك الليلة فيه منتهى الاستخفاف والسبهللية، وفيه بيان للناس عن أسوأ خدمات يمكن أن تضيع هيبة دولة بحجم السودان، بسبب ضابط صغير مازال اسمه بقلم الرصاص، فما يمكن أن يفعله فينا كبار الضباط؟ أين المراقبة وأين الكاميرات وأين المسؤول المباشر عن هؤلاء؟ هل للضابط العظيم بالوردية علم بما حدث؟ هل البلاغ الذي تداوله زملاء وشركاء العمل من ضابط أمن طيران إلى ضابط الجوازت أو الأمن قد قيد في تقارير وحالات تلك الليلة؟  هل الضابط المناوب الأعلى الذي أظن أنه كان بينهم في وجبة العشاء وجه أي فرد منهم مجرد وصول الرحلة بأن يقطع عشاه ويديه توجيهات ليهم جميعاً (ثابت ميز)، أم أن الأمر غير ذلك؟؟؟؟ أما كان أجدى أن تكون هناك برمجة وتقسيم لتناول العشاء بين هؤلاء السادة الضباط حتى لا يؤثر ذلك في حركة المسافرين ؟ والأهم من ده كلو أن هناك أجانب تعالت أصواتهم وتذمروا من الإنتظار وهمهموا بصوت عالٍ وأظنهم من رعايا تلك الدولة التي بيننا وبينهم حرارة زايدة هذه الأيام، حضرة الضابط الموقر.. حاول أن يمارس عليهم شوية حدة وأعاد أغراضهم أكثر من مرة إلى جهاز التفتيش بدون أن يجد أية ممنوعات معهم وقد إنتبهوا لذلك التصرف وعند خروجهم من الصالة علمت أن أحدهم دكتور كبير قادم من القاهرة ليناقش رسالة الدكتوراه الثانية من جامع السودان والآخر كاتب مرموق بصحيفة «الخليج» الإمارتية ومهتم بالشأن السوداني وأقسم لي أنه في حالة ذهول مما رأى في بلد كان يتوقع أن تكون أبوابه فاتحة للضيوف والمهاجرين بالترحاب وتسهيل الأمور، واستعجب من كل التأخير، وقال لي بلهجة سودانية فيها بمزاح واستخفاف ( ضابطاكم دول أيش بتعشوا)؟؟ لم تكن لدي إجابه للسائل، ولكن سؤالي للسطات الأعلى هل يستغرق عشاء الضابط كل هذا الوقت؟؟ وهل عشاء ضباط مطار الخرطوم وناس الجمارك زي عشاء ضباط الأقسام والوحدات الأخرى أم هناك تحسينات تؤدي إلى هذا الخلل الواضح الذي ندفع ثمنه بالإنتظار ونظرات الإحتقار من الآخرين                            !!.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى