عبدالناصر عبدالرحمن يكتب: للثوار .. تنازلوا عن فضيلة الموت في سبيل الوطن لكبار الزعماء والقادات

سهام الحق
عبدالناصر عبدالرحمن مُسبَّل
أستعين بعبارة للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة : (هل نقضي عمرنا في الدفاع عن قيثارتنا ام في العزف عليها. ؟ )….أتساءل…هل نقضي عمرنا ننفخ بروجي نوبة (علاقة الجيش بالسياسة) ام في تقنين هذه العلاقة على أسس سليمة و راسخة ؟ لكن…لنفعل هذا لابد ان يكون (كبار السياسيين) من مدنيين و عسكريين ساحة المشهد الراهن وتابعيهم بالكفاءة و القدرة التي تمكنهم من مواجهة كثافة الشكوك التي تجذرت في صفوف المواطنين خاصة من شريحة الشباب. الشكوك التي اوصلتهم إلى اليقين بأن (ماعون) السياسة في السودان بخبوب حمولته التاريخية و تخريجات عقائده و تخريمات مبادئه يتجسد لديهم فقط في صورة معرض لعشوائيات يضج بدوي صاخب بشيئ حول لا شيئ.
لابد لي ولمن كان مثلي من المبادرة بالإعتراف بأن نشاطات التنوير بالكتابة لم تترك فرص الوعي تبدو كما كانت نادرة. فرغم قلة من يقرأون سطور ما يكتب إلا أن تعدد وسائط التنوير و الوعي صارت حقيقة يجب ان يدركها الذين يتسيدون الساحة ممن قد تتلبسهم روح الشجاعة لمقارنة هشاشة هياكل كياناتهم السياسية او العسكرية او العسكرية السياسية التي يتحدثون بإسمها مع الهيكل الشامل الجامع لكيان عموم مواطني السودان الذين يتقدم ركبهم شبابهم من الكنداكات و الشفاتة في كل المدن و القرى و البوادي.
لا أشك في أن عقد المشهد السياسي الحالي باحتمالات مٱلاتها إيجابا أو سلبا تستدعي صفاء النفس والعقل و الوعي بضرورة التحليل العميق المفضي لفهم صحيح يحول ضغط الألم على القلب إلى نبضات تضخ بعناية فائقة أحرفا ناضجة الثمار تخاطب دون تهيب او كلل او ملل عقد أصحاب الحل والعقد على الجانبين المدني و العسكري..فالسودان ليس ملكا لعارضي أزياء من أي نوع او لون.
(العلاقة الصحيحة) للجيش بالسياسة هي المنتج المثالي لصناعة السياسة الصحيحة بوضوح علاقتها الصحيحة بالجيش. صناعة السياسة الصحيحة بعلاقتها الصحيحة بالجيش هي إختصاص محصور في طائفة من سياسيين و عسكريين قاماتهم لا تقل عن مقامات (رجال دولة) يجيدون تماما فهم و تحليل مطلوبات حقيقة ان الجيش هو اداة سياسية و ان هذه الأداة السياسية هي اداة حسم تستخدم العنف لبلوغ اهداف سياسية متفق عليها. ملف اداة الحسم هذه من الملفات التي يجب ان يتعامل معها كل رجل دولة بحرص يثابر على معرفة عميقة و فهم يدرك خصائص هذه الأداة وفلسفة إستخدامها و قدراتها و قيود و محددات توظيفها وفقا لتشريعات و قوانين و مناهج و نظم عمل تضبط و تراقب الأداء بالصورة التي تؤمن توافقها التام و انسجامها مع بقية ادوات السياسة في الدولة.
عندما نتحدث عن العلاقة الصحيحة بين الجيش و السياسة نحن نتحدث بالضرورة عن بيئة السياسة في الدولة الحديثة…الدولة المدنية الديمقراطية المعاصرة. دولة المؤسسات التشريعية و القضائية و التنفيذية و منظمات وأجهزة و وسائط الرقابة و التنوير والإعلام الحر. عند ذلك فقط نستطيع أن ننتقد و نتحدث عن اداء منظومة أمنية او إقتصادية أو عن مؤسسة عسكرية او مؤسسة تعاونية. لا يمكن الحديث عن مؤسسات في دولة لم تؤسس بعد ولا يمكن الحديث عن منظومة ما في دولة لم تنظم بعد و يصر من يدعون الزعامة والقيادة فيها على عرقلة اي جهد يمكن أن يؤدي إلى إنجاح فترة الإنتقال وقيام مؤتمر دستوري يؤسس و ينظم و يرتب لقيام دولة وطنية ديموقراطية تستطيع التنفس ملئ رئتيها في بحر هذا العالم بأمواجه المتلاطمة و عواصفه الهوجاء.. إذا كنا نتحدث عن ما يفترض انه الواقع الذي يعتبر موروث السياسة السودانية منذ يوم الإستقلال فنحن إذا نتحدث عن منظومات و مؤسسات دولة فاشلة. اما إذا كنا نتحدث عن ما يفترض ان يكون بعد كل هذه التضحيات التي كانت فحينئذ… يجب علينا التمعن جيدا في وجوه من يفترض أنهم قادتنا ثم….. نسأل أنفسنا و نسألهم… ماذا تختزن عقولهم و قلوبهم من خزائن قامات و مقامات رجال الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية الحديثة..؟
أقول للكنداكات و الشفاتة….في المعارك الكبرى كان التاريخ يرصد دائما ان الشهداء هم خيار من خيار. أسأل الله تعالى للشهداء الرحمة و المغفرة و القبول الحسن و للجرحى و المصابين عاجل الشفاء و للمفقودين عودة ٱمنة لأهلهم و أسأله تعالى أن يلهمكم الصبر و الثبات و الجهاد للعيش في سبيل الله والوطن. السودان يحتاج لعقولكم و قلوبكم و سواعدكم الفتية. تنازلوا ولو إلى حين عن فضيلة الموت في سبيل الوطن لكبار الزعماء والقادة السياسيين و رجال الإدارة الأهلية و شيوخ المشيخات الدينية …تصدقوا عليهم بمناهج ثباتكم و عزمكم و حماسكم لقضية الوطن و أتركوا لهم الفرصة ليسددوا بعض ما عليهم من ديون مستحقة لهذا البلد. أفسحوا لهم المجال ليخففوا عن موازينهم ثقل بعض ما ارتكبوه من خطايا في حقكم و في حق السودان و اهله الصابرين الصامتين.
السعي الجاد الذي ترونه لإفشال الفترة الإنتقالية هو سعي جاد لنتائج إنتخابات يراد لها أن تجرى كما أجريت سابقاتها لتعيدنا إلى حجاوي أحمد و حاج أحمد و صفر الدائرة الشريرة و ……………………………… الساقية تبقى مدورة…