لقاء اللجنة العسكرية بمجموعة التوافق الوطني.. جرعات تنشيط الحوار الشامل

تقرير: محمد جمال قندول
لقاء ثنائي جمع بين اللجنة العسكرية الثلاثية للحوار الوطني وقوى الحرية والتغيير (مجموعة التوافق الوطني) امس الاول الخميس بالقصر الجمهوري في خطوة تأتي في اطار التشاور بين الطرفين وتبادل وجهات النظر في مساعيهما للحوار الشامل، ويأتي اللقاء بعد اسبوع من جلوس قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي مع العسكر، بوساطة سعودية أمريكية، بمنزل السفير السعودي وبحضور مساعد وزير الخارجية الامريكي (مولي في) وتداعياته التي أثارت جدلاً واسعاً على مختلف الاوساط السياسية والمجتمعية، ومع امتداد واختلاف زوايا النقد ترفض كثير من القوى الثورية اللقاء وتعتبره تخاذلاً من قبل مركزية التغيير، بينما ترى بالمقابل بقية القوى السياسية سيما مجموعة التوافق الوطني ان اللقاء محاولة لإعادة ثنائية الشراكة المعطوبة، قبل أن تعلن رفضها لذلك عبر مؤتمر صحفي. ويرى كثير من المتابعين أن لقاءها ــ مجموعة التوافق الوطني ــ مع اللجنة العسكرية الثلاثية محاولة لقطع الطريق امام مركزية التغيير ليس إلا.
(١)
لقاء ثنائي آخر يعتبر الثالث من نوعه من لقاءات اللجنة العسكرية الثلاثية مع القوى السياسية المختلفة. فعقب اجتماعها مع مركزية التغيير نهاية الأسبوع الماضي بوساطة سعودية أمريكية اعقبته بلقاء مع الجبهة الثورية، التأم أمس الأول اجتماع ثالث مع مجموعة التوافق الوطني واللجنة العسكرية الثلاثية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو في اطار الاجتماع التشاوري الأول بين الطرفين. وبحسب المتحدث الرسمي باسم اللجنة العسكرية الثلاثية العميد الركن نبيل عبد الله علي في تصريحات صحفية، فإن اللقاء يأتي في إطار التشاور حول إدارة الحوار الوطني والتأكيد على ضرورة أن يكون شاملاً، مؤكداً ان الغرض من اللقاءات الثنائية التي يتم إجراؤها هو الاستماع لوجهة نظر الآخر حول إدارة الحوار الوطني الشامل.
وقال عضو الهيئة القيادية للحرية والتغيير (مجموعة التوافق الوطني) عسكوري إن اللقاء استمع الى تقرير مفصل حول لقاءات الآلية الثلاثية مع المجلس المركزي للحرية والتغيير والمكون العسكري التي عقدت الاسبوع الماضي، واطلع كذلك على رؤية مجموعة التوافق الوطني حول الحوار، مؤكداً ان الجانبين اتفقا على دعم جهود الآلية الثلاثية باعتبارها الآلية الوحيدة المتاحة للحوار، لافتاً إلى وجود مرتكزات اساسية تسعي كافة الأطراف لتعزيزها.
(٢)
وفيما تأتي اللقاءات في إطار دعم جهود الحوار المباشر الشامل، يذهب آخرون إلى ان اللقاء الذي جمع الطرفين، مجموعة التوافق واللجنة العسكرية، أتى في ذات اليوم الذي التقت فيه اللجنة الثلاثية العسكرية والآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد. واستدل هؤلاء بتصريحات رئيس بعثة (يونيتامس) فولكر بيرتس التي اكد فيها ان اللقاء ناقش الدفع بعملية الحوار السياسي لإخراج السودان من الأزمة الحالية، لافتاً إلى حرص الآلية الثلاثية على تسهيل الحوار بين مكونات الشعب السوداني.
واضاف فولكر ان الاجتماع كان بناءً ومثمراً وصريحاً.
كما تطرق المبعوث الاممي لعنصر الزمن وذلك بقوله ان السودان يمر بأزمة وليس هناك وقت بلا حدود، وسنعمل على بذل كل الجهود لمساعدة السودانيين لإيجاد الحلول للأزمة السياسية الراهنة.
(٣)
ومن جانبه عد المحلل السياسي د. صلاح الدومة في حديثه لـ (الانتباهة) لقاء العسكر ومجموعة التوافق لقاء الجناح العسكري بحاضنته السياسية، الامر الذي يعني استمرار المزيد من التعنت على حد تعبيره، مؤكداً انهم يتحدثون عن حوار شامل وهم غير صادقين.
غير ان المحلل السياسي د. بدر الدين رحمة اعتبر ان اللقاء تشاوري وطبيعي ومن متطلبات المرحلة الحالية، وذلك في ظل مساعي الطرفين لتحقيق جزء من الاستقرار والاستعداد لديمقراطية قادمة للانتقال السياسي.
ويتابع رحمة في حديثه لـ (الانتباهة) قائلاً ان السودان ظل على مدار تاريخه وكل حقبه ناجحاً في عمليات التوافق الوطني، وحدث ذلك في عهد النميري وكذا في الانقاذ وايضاً في الديمقراطية الثالثة، وان مثل هذه اللقاءات مهمة، خاصة ان البلاد تمر بمرحلة معقدة ومفصلية، واستدل بالديمقراطية الافريقية التي يجلس الفرقاء فيها تحت الشجرة لحل القضايا، في وقت يعجز فيه السودان عن فعل ذلك رغم تجاربه الكثيرة في حل الازمات على المستوى السياسي.
ولا يرى رحمة اي منطق او سند موضوعي في الاتهامات التي توجهها قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، مؤكداً أن التوافق الوطني يمثل وجوداً مهماً بالساحة دون مزايدة من احد، وقال: (من الذي أعطى الحرية والتغيير المجلس المركزي الحق في ان يتحكموا في البلاد؟ ومن الذي أعطاهم الحق في تمثيل الشعب، في وقت تحرص فيه قوى التوافق على تعلية شأن البلاد والوصول إلى توافق؟
(٤)
وفي ذات الاثناء يرى خبراء ان اللقاء يأتي كرد صريح على تصريحات الحرية والتغيير مجموعة المركزي ومطالبها المتشددة ومن ضمنها ابعاد من لا ترغب فيهم بساحة الحوار. واضافوا ان الحزب الشيوعي موقفه واضح بعدم المشاركة دون ضمان وضع افضل مما كانت عليه الأوضاع قبل الانقلاب، الامر الذي حتم على مجموعة المركزي ومن معهم من احزاب اليسار تفعيل تكتيك سياسي بالضغط عبر الشارع، وان المؤسسة العسكرية آثرت ان تجد مظلات آمنة ومنصات لمن يبحثون عن حوار جاد وشامل، وان اللقاء التشاوري انصب في هذا الاطار. ويشير الخبراء الى ان العسكريين يأملون في الوصول إلى تسوية قريباً وذلك لملء الفراغ السياسي، وان الفرصة مواتية بتكثيف جهودهم.