مسابقة عيون الشباب على التنمية

السودان..(الإنتباهة) تنقب وتتقصى حول الحقائق (فاغنر) الروسية .. جدلية الإنتاج والنهب..!!

 

الخرطوم : عبد الرحمن صالح
كثر الحديث في الفترة الماضية على نشاطات شركة “فاغنر” الروسية في السودان ، واتهمها البعض باتباع طرق غير قانونية لسرقة ذهب السودان ، وبدأت شركة “فاغنر” عملها في السودان عقب توقيع الرئيس المخلوع عمر البشير اتفاقيات تنقيب عن الذهب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العام 2017م  ، بحسب المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وحول ما يثار من نشاطات مشبوهة لشركة “فاغنر” في مجال التعدين عن الذهب يؤكد وزير المالية جبريل إبراهيم في تصريحات سابقة ،عدم معرفة حقيقة اي شيء عن هذه الشركة غير أنها تعمل في المجال الأمني ، وتابع بانه يسمع بإشاعات كثيرة، لكن لم يجد دليلاً على ما يقال عن هذه الشركة في السودان وأنها تعمل في مجال الذهب، مؤكدا عدم منحها امتيازا في أي جزء من البلاد، وليس لديهم دليل على أنها أخذت جراماً واحداً من الذهب من أي ركن من أركان البلد، فكل الكلام عبارة عن حديث مطلق، لكن لا دليل لما يقال” ، حديث جبريل عضده رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونفى ضلوع مجموعة “فاغنر” الروسية في عمليات التنقيب عن الذهب في البلاد ، الا أن تجمع المهنيين السودانيين كان له رأي غير ذلك ، وبعد ايام قليلة من نفي رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وجود “فاغنر” بالبلاد ، أكد الناطق الرسمي لتجمع المهنيين السودانيين وجود مجموعة “فاغنر” الروسية في السودان ، وقال الوليد إن “وجود فاغنر في السودان حقيقة لا تنتطح عليها عنزتان” ، ليبقى السؤال ما هي حقيقة وجود الشركة ، وما وضعيتها ، وهل تنتج ذهبا أم تنهب الذهب ؟
حقيقة “فاغنر”
ويقول وزير الطاقة والتعدين الأسبق عادل على إبراهيم ان شركة “فاغنر”  الروسية ليست شركة تعدين عن الذهب وليس لديها ترخيص للتنقيب في البلاد ، وهي شركة أمنية خاصة يملكها  رجل الأعمال الروسي “يفغيني بريغوزين” ، وعملها معروف في مساعدة الحكومات في الجانب الأمني ، ويوضح أن مالك شركة “فاغنر” هو نفس المالك لشركة “ميرو غولد” الروسية التي تعمل في مجال التعدين عن الذهب في السودان ، ويقول عادل في حديثه لـ(الإنتباهة) بحكم ملكية الرجل للشركتين “فاغنر” وميرو غولد” ، فأن “فاغنر” تمثل الفرع الأمني لشركة “ميرو غولد” وتؤدي خدمات أمنية لها وتتولى تأمينها ، ويشير إلى أن شركة “ميرو غولد” لا تعمل في مجال التعدين الاحترافي ، وتعمل في مجال “الكرتة” ، ويؤكد أنها الشركة الأجنبية الوحيدة التي تعمل في مجال “الكرتة” ، ويضيف هذا الترخيص حصلت عليه خلال فترة حكم الرئيس المخلوع عمر البشير ، ويجزم بأن الشركة لا تؤدي أي نشاط يوحي بأنها شركة تعدين محترفة ، ويشير الى أن شركة “ميرو غولد”  لا تبذل جهداً كبيراً مقابل ما تحصل عليه من كميات كبيرة من الذهب، حيث توفر فقط الآليات والمعدات الخاصة باستخراج الذهب من الصخور والجبال في المناطق النائية للعمالة السودانية التي تتولى هذه المهمة ، وتحضر اليهم “الكرتة” مقابل مبالغ مالية متفق عليها ، ويؤكد أن الشركة استردت خسارتها قبل سنين ، والآن تعمل بالتكلفة الجارية التشغيلة فقط ، لجهة أن رأس المال البسيط الذي انشئت به استردته من أول عمليات لها ، ويضيف قائلاً الآن الشركة تنتج ذهبا خاما وتقوم بتصديره لروسيا سواء كان مباشرة أو عن طريق دبي .
حماية أمنية
ويؤكد عادل أن شركة”فاغنر” الروسية لا تمارس اي نشاط تعدين ، وإنما تقوم بتقديم حماية أمنية لشركة “ميرو غولد” ، ولشركات تعدين سودانية لديها مصلحة مباشرة مع روسيا ، ويضيف قائلاً : هناك شركات تعدين بالبلاد تعمل لمصلحة الروس ، و”فاغنر” تحميها ،في وقت  يوضح فيه عادل أن شركة “كوش” الروسية التي تعمل في مجال التعدين عن الذهب في السودان ليست تتبع لمالك شركة “فاغنر” ، ويضيف قائلاً : ملاك شركة كوش “همباته” ينهبون ذهب السودان ، ويساعدون على الفوضى في مجال التعدين الأهلي العشوائي ، ويوضح أن شركة “كوش” الروسية تمد المعدنيين الأهليين العشوائيين بالمعدات والآليات لجلب الأحجار من مربعات الغير ، واحياناً من مناطق حكومية ، ويؤكد عادل أن شركات التعدين الروسية سرقت أسماءها من السودان ، ويقول شركة “ميرو _ كوش” هي اسماء تمثل مناطق أثرية وحضارات في السودان ، وأخذتها الشركات الروسية كأسماء لها ، ويشير عادل إلى وضعهم خطة طموحة لترتيب أوضاع التعدين في البلاد ، والشركات الروسية ، ويقول لكن لم يسمحوا لنا بإكمال المشوار .
شركة روسية واحدة
وحول وجود شركة “فاغنر” الروسية وعملها في مجال التعدين في البلاد ، يؤكد مدير إدارة الرقابة والإشراف على شركات الإنتاج بالشركة السودانية للموارد المعدنية علاء الدين محمد علي عدم وجود اي شركة روسية باسم “فاغنر” تعمل في مجال التعدين في البلاد ، ويقول في تصريح مقتضب لـ(الإنتباهة) شركة روسية واحدة الآن تعمل في مجال التعدين في البلاد ، وهي شركة “كوش” ، واسم الإنتاج الذي تحمله الشركة (الين) ، ويشير علاء الدين إلى أن شركة “ميرو غولد” الروسية التعدين لديها توقف ، ويضيف كان لدى الشركة حقل تعدين في ولاية جنوب كردفان ، ولكن الآن لم تعد تعمل.
بدوره يؤكد مدير سابق للأبحاث الجولوجية فضل حجب اسمه عدم وجود شركة روسية تعمل في مجال التعدين في السودان تحمل اسم “فاغنر” ، ويشير في حديث مقتضب لـ (الإنتباهة) الى أن الشركات الروسية التي كانت تعمل في مجال التعدين ولديها تراخيص هي شركتا “ميرو غولد ” و “كوش” .
شبكة مصالح
وفي مارس الماضي اتهم بيان مشترك لسفيري بريطانيا والنرويج والقائمة بالأعمال الأمريكية لوسي تاملين، بأن “مجموعة فاغنر تنخرط في أنشطة غير مشروعة” بالسودان. ويعمل هؤلاء المرتزقة، بحسب الوكالة، على تدريب جيوش وقوات محلية وحماية شخصيات أو مكافحة جماعات متمردة أو إرهابية وحراسة مناجم ذهب وماس ويورانيوم في المناطق المضطربة.
أما بالنسبة للخبير الاقتصادي عادل خلف الله فأن عدم إتاحة المعلومات بشفافية في قطاع التعدين عامة ، والذهب بشكل خاص أتاح المجال للتكهنات ، ولتقارير معدة من جهات محلية وخارجية عن نشاط شركة “فاغنر ” الأمنية الروسية في مجال التعدين عن الذهب في البلاد ، خاصة بعد انقلاب 25 أكتوبر ، ويقول الحديث عن نشاط “فاغنر” في التعدين أجبر البرهان على نفي وجودها ، ويضيف قائلاً : ” النفي أحياناً هو إثبات ، ولم يستبعد عادل في حديثه لـ(الإنتباهة) أن تكون شركة “فاغنر”  الروسية متواجدة في البلاد ، وتعمل في مجال التعدين ، خاصة في ظل شبكة المصالح والتحالفات التي تربط بين سودانيين وروسيا ، على خلفية انتمائهم للنظام البائد ، ويقول لا أستبعد أن تكون شركة “فاغنر” متواجدة وتعمل في مجال التعدين ما لم يثبت العكس ، في وقت يؤكد فيه عادل أن علاقة الشركات الأمنية والشركات العاملة في التعدين عن الذهب وغيره من المعادن النفيسة مرتبطة بمراكز نافذة وعليا في الدولة ، لذلك تتكتم عليها إذا كانت موجودة ، ويشير إلى عدم وجود وضوح وشفافية في قطاع التعدين ، ويعدها أحد أسباب الإعاقة المستمر للقطاع منذ انقلاب 25 أكتوبر ، بالإضافة إلى عدم سيطرة الدولة على قطاع المعادن ، وإعمال قانون 2006 للموارد المعدنية ، وإعاقة قيام بورصة الذهب والمعادن حتى الآن .
فلاش باك
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز”، كشفت في تحقيق صحفي نشرته أن مصنعاً يقع في منطقة العبيدية الغنية بالذهب على بُعد 320 كيلومتراً شمال الخرطوم يخضع لحراسة مشددة محاط بأبراج لامعة، يسميه السكان المحليون “الشركة الروسية”، ويعمل في نشاط التعدين، لكنه في الحقيقة واجهة للمنظمة شبه العسكرية، “فاغنر”، وطيدة العلاقة بالكرملين، إذ يعالج المصنع أكوام الخام من سبائك الذهب، حيث حصلت “فاغنر” على امتيازات تعدين مربحة تنتج سيلاً متدفقاً من الذهب كما تظهر السجلات، ويعزز مخزون الكرملين من الذهب، البالغة قيمته 130 مليار دولار، الذي يخشى المسؤولون الأميركيون استخدامه للتخفيف من تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو بعد شن الحرب على أوكرانيا، من خلال دعم العملة الروسية المحلية “الروبل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “شركة فاغنر، المعروفة بأنشطتها العسكرية، ومساعدتها الأنظمة الديكتاتورية للبقاء في الحكم، من خلال شبكتها الغامضة من المرتزقة، أصبحت أكثر من مجرد آلة حرب في أفريقيا، تتمدد وتتعزز قوتها من خلال سيطرة اقتصادية وعمليات التأثير السياسي”. وتابعت، “في عام 2017، توسعت فاغنر في أفريقيا، بتوجيه واضح من يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال الروسي المعروف باسم (طاهي بوتين)،. وأضافت “نيويورك تايمز”، “إذا ألقيت نظرةً فاحصة على أنشطة هذه الشركة الروسية في السودان، ثالث أكبر منتِج للذهب في قارة أفريقيا يتكشف لك إلى أي مدى استطاعت هذه المنظمة التمدد والتوسع، ففي شرق السودان، تدعم فاغنر مساعي الكرملين لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر لاستضافة سفنها الحربية التي تعمل بالطاقة النووية، وفي غرب السودان، وجدت المجموعة في هذه المنطقة مصدراً محتملاً لليورانيوم، ومنصة لمرتزقتها للانطلاق في عمليات عسكرية في البلدان المجاورة”.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى