مسابقة عيون الشباب على التنمية

التحالفات السياسية.. هل تنهي الأزمة أم تطيل عمر العسكر؟

 

تقرير: محمد جمال قندول

يشتد الحراك وتتسارع الخطى بين مكونات القوى المدنية حول كيفية اسقاط العسكر، في سباق محموم بدأ منذ انقلاب (٢٥) اكتوبر الماضي، نتج عن تحالفات كثيرة كان آخرها تحالف التغيير الجذري الذي يتزعمه الحزب الشيوعي إلى جانب تجمع المهنيين وبعض الاجسام المطلبية، رغم الدعوات لتوحيد قوى الثورة. وفيما تتفق جل القوى المدنية على الهدف وهو إسقاط النظام الحالي، غير ان اختلاف الوسائل هو ما يفرقها، وسط اتهامات التخوين وممارسة سياسة الهبوط الناعم مع العسكريين فيما بينها، الامر الذي يطرح تساؤلات حول هذه التحالفات وقادرتها على إزاحة المكون العسكري والعودة بالمسار الديمقراطي إلى سابقه لحين قيام الانتخابات، فهل تفلح هذه التحالفات في إنهاء جذور الازمة ام انها ستطيل امد الانقلاب وتدفع العسكر إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال تنهي هذا المشهد العبثي؟
حالة انقسام
(الاتفاق على الأهداف تم دون وضع برامج محددة)، هكذا يرى كثير من المتابعين للمشهد السياسي، حول منهجية قوى الثورة منذ اعلان قوى الحرية والتغيير ذلك التحالف العريض الذي توحدت مكوناته واجمعت على هدف الاطاحة بنظام البشير دون امتلاكها لأي برنامج موحد في ما بعد مرحلة (الاسقاط)، مما أسفرت عنه لاحقاً جملة من الانشقاقات والانسحابات دون أن تسلم هذه  القوى من التراشق فيما بينها، وقد ادت تلك الصراعات إلى انقسام قوى الحرية والتغيير إلى اكثر من فصيل تمثلت في مجموعة المركزي والوفاق الوطني والقوى الوطنية، لتتشكل عقب اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر مرحلة أخرى من الصراع والتشاكس بين القوى المدنية في ما يخص ادارة الفترة الانتقالية وكيفية انشاء هياكل الانتقال وتقسيم السلطة. ويعد موقف الحزب الشيوعي واضحاً من العملية برمتها في وقت يسعى فيه آخرون إلى إيجاد تسوية تنهي حالة الاصطراع هذه، وبحسب مراقبين فإن هذه الحالة من شأنها تعميق الأزمة اكثر من انهائها.
شاهد من أهلها
ويعتقد كثيرون ان تصريحات القيادي بقوى الحرية والتغيير والمؤتمر السوداني خالد عمر يوسف في ورشة تقييم الفترة الانتقالية بمثابة القاء حجر في بركة ساكنة، حين تحدث عن أن صراعات المدنيين ضد بعضهم البعض كانت احد ابرز الاخطاء التي صاحبت تجربة الانتقال، ذاكراً بعضاً من النماذج على غرار المحامين المدنيين والقوى المدنية التي عملت ضد بعضها البعض.
حديث عمر كان بمثابة اعتراف صريح بأن تشاكس القوى المدنية اضر بالانتقال، كما ان تاريخ التحالفات بالبلاد منذ الاستقلال يشير الى انها تبنى على مصلحة واحدة مثل اسقاط النظام، ولا تعود بالاستقرار على المشاركين فيها بعد انجاز الهدف.
مؤشر خطير
ونجد ان صراعات القوى المدنية انتقلت من الخفاء في عهد رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك فيما بينها إلى العلن، وبرز ذلك خلال اختيار حكومتي حمدوك اللتين قدمتا وجوهاً حزبية من قوى سياسية مثل الامة والبعث والمؤتمر السوداني وغيرها من تحالف قوى الحرية لم يكتب لها النجاح، واشتدت وطأة صراعاتها وتوزيع صكوك التخوين فيما بينها عقب اجراءات الخامس والعشرين حتى وصلت مراحل بعيدة. ولعل بيان لجان مقاومة الديوم الشرقية امس الاول وهم يقابلون مواكب الحرية والتغيير برفض ان تقام بمنطقة باشدار ثم الاحداث المؤسفة التي حدثت في مواكب امس، كانت بمثابة مؤشر خطير الى صعوبة اتفاق هذه المكونات السياسية على حد أدنى من التوافق، استناداً الى ما ذكره رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في الرابع من يوليو الجاري، حينما اعلن انسحاب الجيش من العملية السياسية وانتظار القوى السياسية للاتفاق وتشكيل الحكومة.
نواة
الوليد علي الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين قطع بأن انشاء التحالف سيسقط العسكر، وهو بمثابة نواة لتحالف قوى الثورة الحقيقية. واضاف في معرض الطرح لـ (الانتباهة) ان تجربة التحالف ليست استنساخاً لقوى الحرية والتغيير التي على حد تعبيره لم تعمل بالمعنى الثوري وانما بنهج اصلاحي، وذلك باصلاح النظام السابق من الداخل.
واكد الوليد ثقتهم في الحزب الشيوعي حتى الآن طالما هم يتمسكون بشعارات الثورة. واشار الى ان التحالف بمثابة نواة وقابل للتوسع عن طريق ضخ المزيد من التنظيمات السياسية والاجتماعية، شريطة ان تتبنى مبادئ التغيير الجذري.
غرض
ويعتبر الخبير والمحلل السياسي حسن الساعوري ان انشاء اي تحالف سياسي يتطلب تعريف غرض الاعلان عنه اذا كان تحالفاً تكتيكياً مؤقتاً او للمدى الزمني البعيد، لأن الاول ينتهي بانتهاء القضية التي قام من اجلها، اما الثاني فإنه يدوم ولكن وفق انشاء مؤسسات وامانات تتابع الاداء لاتخاذ القرار ووضع سياسيات، وهو تحالف ينشأ لقضايا متعددة ولازمنة طويلة. ويضيف الساعوري لـ (الانتباهة) ان تحالف الحل الجذري حتى الآن تحالف اسمي، ويبرز ذلك من خلال عدم تشكيله مؤسسات رغم ان اسم التحالف ينبئ بأنه للامد البعيد.
واستعرض الساعوري تواريخ التحالفات بالبلاد بدءاً بتحالف حزب الامة والشعب ضد الوطني الاتحادي في عام 57م وكان وقتياً، وكذلك تحالف الاحزاب السياسية في ثورة اكتوبر، اضافة إلى تحالف حكومة الصادق المهدي عام 86م بغرض تشكيل الحكومة، ثم تحالف حكومة القصر عام 88م عندما رفع ضباط الجيش مذكرة للمهدي بخروج الجبهة الاسلامية من الحكومة، اضف اليها تحالف التجمع الديمقراطي مع قرنق في مؤتمر اسمرا عام 95م الذي كان لاسقاط الانقاذ فقط.
وكان الختام بتحالف قوى الحرية والتغيير الذي ضم عدداً من القوى السياسية والمنظمات ولجان المقاومة واسقط نظام البشير، ووضح انه كان تكتلاً وقتياً، وهذا بالامكان قراءته من خلال الانشقاقات التي ضربت هذا التحالف.
ظهور قوى
وعلى غرار الساعوري يرى رئيس الحزب الناصري تيار العدالة الاجتماعية القانوني ساطع الحاج، أن صدور تحالفات تضم قوى سياسية واجتماعية افضل من ظهور قوى سياسية جديدة، معتبراً خلال حديثه لـ (الإنتباهة) أن توحد المكونات السياسية في مجموعة كبيرة متحدة الرؤية ومتفقة على الآليات افضل من استنساخ احزاب جديدة، وهي لا تضعف الحركة السياسية بقدر ما تقدم اضافة لها.
وفي تعليقه على تحالف التغيير الجذري، قال ان تشكيله امر ايجابي لصالح الحركة السياسية السودانية وليس خصماً منها، مشيراً إلى ان بناء التحالفات على اسس حديثة كافٍ لاسقاط الانظمة الديكتاتورية، وليس بعيداً نجاح تجارب تحالفات في القضاء على انظمة، حيث سقط نظام عبود عبر جبهة الهيئات، فيما سقط النميري عبر التجمع النقابي، كما أسهمت تحالفات التجمع الديمقراطي ثم قوى الاجماع ونداء السودان في إسقاط نظام الإنقاذ.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى