مسابقة عيون الشباب على التنمية

انسحاب (الإمارات) من الرباعية.. إعادة تموضع أم خروج بلا عودة؟

تقرير: عماد النظيف

رويداً رويداً بدأ الدور الاقليمي في حل الأزمة السودانية يتقلص لما شهدته الساحة السياسية من تغيير وتحريك في المواقف من قبل القوى السياسية الفاعلة، وأظهرت الأيام الماضية حالة من التعنت والتشدد تجاه ما هو ما طروح لحل المشكلة وتعذر على الفرقاء السودانيين ــ بسبب تباعد المواقف ــ الجلوس حول طاولة رغم المساعي الإقيلمية والدولية للمساعدة في الحل، لكن زيادة الشقة والفجوة بين مكونات الطبقة السياسية جعلت دولة إقليمية مثل الإمارات تقرر الانسحاب من اللجنة الرباعية، وربما يأتي هذا القرار في سياق إعادة التموضع والنظر للمشهد بعدسة جديدة وتغيير أدوات الضغط (عدة الشغل) للمساهمة في دفع العملية السياسية إلى الأمام.
على كل حال المشهد يبدو غامضاً والساحة مزدحمة بالمبادرات والمسهلين لإيجاد مخرج، لذلك لا بد من (فك وتركيب) وتجليس وإبعاد بعض القوى الرافضة للحل حتى يحدث انفراج في الوضع المتأزم.
ضرورة التوافق
وكشف رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم عن انسحاب دولة الإمارات العربية من الآلية الرباعية التي نشطت أخيراً في حل الأزمة السياسية المتطاولة في السودان، وكانت الآلية الرباعية المؤلفة من سفراء أميركا وبريطانيا والسعودية والامارات في الخرطوم قد علمت على عقد اجتماع بين الفرقاء، لكن تعذر عقده لخلاف حول من تحق له المشاركة. وقال جبريل في تصريحات صحفية عقب اجتماع لقوى التوافق الوطني إن دولة الإمارات العربية انسحبت من الآلية الرباعية التي غدت الآن ثلاثية. وكشف عن تكليف لجان للتواصل مع البعثات الدبلوماسية والسفراء المعتمدين، وأخرى للحشد الجماهيري للترتيب لندوات يعتزمون عقدها في عدد من الولايات. وشدد جبريل على ضرورة توافق القوى السياسية والابتعاد عن الاقصاء، وقال: (إن الإقصاء هو السبب في ما نعيشه الآن، ونحن على استعداد للتعامل مع كل القوى السياسية واختصار الوقت للوصول لحل للأزمة).
وأوضح جبريل أن الحوار بين الأطراف ينبغي أن يكون بندية، وان يدار وفقاً لقرار سوداني تتولى الأطراف الدولية مسؤولية تسهيله، واكد على أحقية مشاركة جميع الأحزاب السياسية فيه باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول.
مواجهة التحديات
وبالرغم ذلك فإن رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة القومي إمام الحلو لا يعتقد أن هنالك ما يشير إلى فشل مهمة الرباعية حتى الآن، وهي المهمة الأساسية ــ بحسب الحلو ــ التي تتمثل في المساعدة وتسهيل الحوار السوداني ــ السوداني ودعم أية حلول تسعى لعملية التحول الديمقراطي والحكم المدني، ويضيف لـ (الانتباهة) قائلاً: (نحن نأمل في ان تساعد هذه الجهود الدولية في إيجاد مخرج للأزمة المتصاعدة، واعتقد أن السودانيين قادرون رغم الظروف التحديات التي نواجهها الآن على إحداث اختراق في الوضع السياسي بمجهود كل السودانيين وهذا هو المطلوب، والدعم الدولي مطلوب لمساعدتنا للخروج من الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة).
ويختلف المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين مع ما ذهب إليه الحلو من حديث، ويعتقد أن خروج الإمارات العربية لن يؤثر الا بمقدار محدود، فمجموعة الأربعة تحولت من داعم لليونتامس والآلية الثلاثية، وهو دور محمود لطرف في معادلة الوساطة، وهو وضع له تداعياته على الدول الأربع.
وفي ظن محدثي محيي الدين أن الإمارات استشفت صعوبة التوفيق بين الفرقاء السودانيين بسبب تمترس بعض الأطراف في مواقفها دون ابداء أي قدر من المرونة اللازمة. ولعل ما حدث في الأيام الماضية من تعثر عقد لقاء بين قحت والمكون العسكري والجبهة الثورية لأن قحت أصرت على عدم مشاركة قوى سياسية ضمن تحالف قوى التوافق الوطني، يشي بأن فرص حدوث تسوية سياسية باتت ضئيلة، لأن هذا الموقف المتعنت مقروناً مع اصرار كل القوى السياسية والمكون العسكري على ضرورة ان يكون الحوار شاملاً من حيث الموضوعات وكذلك مشاركة أوسع طيف سياسي سوداني، يستوجب من الوساطة عدم الاصرار على قيام شراكة محدودة بين قحت والحركات المسلحة والجيش، لأن مثل هذه المعادلة المختلة ستؤدي لحدوث صدام ربما يعصف باستقرار السودان.
قرار مدهش
ويرى المحلل السياسي والأكاديمي الرشيد محمد إبراهيم لـ (الانتباهة) أن انسحاب الامارات العربية المتحدة من اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية يدعو للدهشة، لكن في تقديره ان الامارات قامت بتقييم دورها وقرأت المشهد السياسي السوداني، وبالتالي اتخذت هذا القرار، وقطعاً الدول تبحث عن مصالحها رغم الصلات التي تجمعها بالدول الاخرى، وتابع قائلاً: (لكن ربما اطمأنت بقدر كبير الى أن الوساطة والمبادرات بشكلها الحالي لم تفض لنتيجة، وربما تأرجح الخيار الثاني بتكوين حكومة طوارئ ثم الذهاب إلى الانتخابات، وبالتالي تعمل على تأمين مصالحها في السودان والاتفاقيات والحديث عن إنشاء الموانئ، كما ذكر وزير المالية وهو يؤكد أنها توصلت إلى تفاهمات بحفظ مصالحها، وبالتالي هي تأكدت ووصلت لمعلومات بأن الأوضاع لن تسير على وتيرة الآلية الثلاثية الرباعية سابقاً).
وبشأن القرار واثره المشهد السياسي ـيقول الرشيد: (إن قرار الانسحاب يؤكد فرضية عدم قدرة القوى المدنية، وبالتالي يعطي مبرراً مسبباً لمضي العسكر في تشكيل حكومة طوارئ ومهام لانتشال البلاد من الانهيار وتمهد لإجراء الانتخابات).
أسلحة مجربة
ويؤكد القيادي في الحرية والتغيير بشرى الصائم أن الآلية الثلاثية هى المعترف بها اقليمياً ودولياً، وتعتبر مساعيها رسمية، وستكون محل قبول والتزام الاطراف ومخرجاتها ملزمة للاطراف. اما الآلية الرباعية فهى آلية توافقية غير معترف بها، ودورها العمل على اعداد مسرح الحوار بين الاطراف للجلوس عبر الآلية الثلاثية، وهى المنوط بها ادارة الحوار وصياغة الاتفاق، وهي الضامن والحامى له بعد التوقيع عليه.
ورأى في حديثه لـ (الانتباهة) أن خروج دولة الامارات لا يعطل او يوقف عمل الآلية المتمثلة في الدول الثلاث الاخرى (امريكا، بريطانيا والسعودية)، وهي دول ذات تأثير اقتصادى وسياسى واقليمي كبير في اطراف الحوار المدنى العسكرى، وهى من اسلحتهم المجربة فى الضغط على الاطراف. واضاف قائلاً: (وهذا لا يجعلنا نقلل من دور الامارات العربية كطرف فى آلية الحوار، فالامارات لها مصالحها ولها علاقاتها الوثيقة مع بعض اطراف الحوار عسكرية ومدنية، وقد كان لها دورها الكبير والواضح فى فترة ما بعد اسقاط النظام، وخروجها سيكون له اثره السالب في الحوار من خلال حلفائها بالداخل، مما يؤدى لوضع بعض العراقيل او تأخيره باشكال مختلفة، خاصة ان انسحابها كان مفاجئاً وغير معلن الاسباب، بعد قبولها ومشاركتها فى الاجتماع الذى فشل).

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى