(الإنتباهة) تتجول في عوالم التسول ..إحصاءات تشير إلى أن (4) آلاف متسول بالخرطوم

الخرطوم: هاجر سليمان
أصبحت الخرطوم قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في اي لحظة بسبب تفشي ظاهرة المتسولين والذين تفاقمت أعدادهم بصورة غير متوقعة خلال الآونة الأخيرة في وقت وجدت فيه الظاهرة تجاهلاً كبيراً من قبل المسئولين وخاصة وزارة الرعاية الاجتماعية .
حادث متسولة ..
حادث مروري خطير وقع في مدينة بحري لطفلة صغيرة متسولة أصيبت إصابات بالغة ووقع الحادث في استوب المحطة الوسطى بحري، بحسب إفادات متابعين فان الأطفال المتسولين يتعمدون قطع الطريق بصورة خاطئة حتى يتسببوا في وقوع الحوادث لهم ومن ثم تتم عملية ابتزاز للسائق للاستيلاء على أموال طائلة منه .
في وقت كشف فيه مواطنون بان هنالك متسولين يعرضون حياتهم للخطر بغرض الحصول على تعويضات وأضافوا بان هنالك جهات تحرضهم على مثل تلك الأفعال وان هنالك منظمات تقوم بتسريحهم وإحضارهم في الصباح بترحيل جماعي وتوزيعهم على الاستوبات وفي نهاية اليوم يتم جمعهم مرة أخرى وترحيلهم الى حيث السكن سواء بأصقاع ام درمان او مناطق جنوب الحزام .
جنسيات المتسولين ..
رصدت (الإنتباهة) جنسيات متعددة للمتسولين الذين أتى معظمهم من دول غرب افريقيا وشكلت نيجيريا والنيجر الدول الأعلى معدلاً من حيث أعداد المتسولين بجانب جنسيات اخرى ولكن بأعداد قليلة ورصدت الصحيفة أماكن انتشار المتسولين بأعداد كبيرة قرب استوب المحطة الوسطى الجامع الكبير واستوب البلدية ووسط الخرطوم شارع القصر والسيد عبدالرحمن بجانب شارع المطار والأسواق وأمام المستشفيات والتقاطعات الرئيسية والفرعية وفي تقاطع المشتل وتقاطع شارع الستين مع شارع مدني وتقاطع المركز الإسلامي بجانب تقاطع شارع اوماك مع شارع عبيد ختم وتقاطع اوماك مع شارع الستين وبالقرب من مسجد السيدة سنهوري بجانب رصد أعداد من المتسولين بشارع النيل وفي صينية بري وقرب مستشفى الساحة ومستشفى رويال كير بجانب تقاطع لفة الجريف ومول العفراء وحتى في الأحياء السكنية في شرق النيل .
إحصائيات وأرقام ..
ورصدت (الإنتباهة) ما يتجاوز (960) من المتسولين في التقاطعات المذكورة وبحسب التصنيفات فان هنالك أماكن يتركز فيها متسولون سودانيون فقط مثل مسجد سيدة سنهوري فجميع المتسولين فيه سودانيون بينما هنالك مناطق مقفولة حكراً على المتسولين الأجانب وهي تقاطع المشتل وتقاطع اوماك مع الستين أما بقية المناطق فنجدها مختلطة من حيث أعداد المتسولين التي يقال ان عددهم يتجاوز (4) آلاف متسول ينتشرون في العاصمة الخرطوم ويشكلون مهدداً امنيا كبيراً في العاصمة وتجدهم نساء ورجالا .
تشير معلومات خاصة الى أن ظاهرة التسول أصبحت مرتبطة بعدة جرائم وهي جرائم الدعارة والسرقة والخطف حيث يتحول بعض الصبية المتسولين الى مرتكبي جرائم خطف الحقائب في الاستوبات بجانب استغلال عصابات لبعض أطفال المتسولين في عمليات تسليم المخدرات والإسهام في ترويجها فضلاً عن ان هنالك منظمات عالمية تدير أنشطة المتسولين في العالم وخاصة في أفريقيا وأشارت تقارير تحصلت عليها الصحيفة ان منظمات عالمية في دول المنشأ تقوم بتجنيد النساء والفتيات والأطفال على عملية التسول وان تلك العصابات المنظمة المنتشرة بدول غرب افريقيا تقوم باستغلال الفتيات وتشجيعهن على الإنجاب بطرق غير مشروعة ومن ثم استغلال المواليد في عمليات التسول وتشير المعلومات الى ان الأطفال المواليد يتم إيجارهم باليوم ويتم تخديرهم وإعطائهم عقارا مهدئا للطفل يجعله ينام لساعات طويلة أوقات النهار وأشارت التقارير الى ان كثيرا من أولئك الأطفال يلقون حتفهم بعد فترة وجيزة جراء التسمم الدموي ونقص الرعاية الصحية والتي تقودهم مباشرة للوفاة، ومن ثم يتم استخدام أطفال آخرين بذات الكيفية .
إعاقة مصنوعة ..
أشارت معلومات الى أن هنالك عصابات تقوم بتصنيع الإعاقة للمتسولين في دولهم من حيث حرقهم بالنار او ثقب أعينهم او بتر أجزاء من أجسادهم بغرض استدرار عطف المواطنين حتى يتمكنوا من جمع أموال عن طريق التسول .
بحسب المعلومات فان ظاهرة التسول ارتبطت ارتباطا مباشرا بتجارة العملات وتشير الإحصائيات الى أن نسبة مقدرة من الأموال والعملات الحرة تخرج من البلاد عن طريق المتسولين الى دولهم الأمر الذي يعمل على تدمير الاقتصاد القومي ويسهم في تزايد معدلات نقص العملات الصعبة بالبلاد وهو ما يضر بخزينة الدولة .
رصدت (الإنتباهة) فتيات سودانيات في أعمار صغيرة يمارسن التسول بشوارع الخرطوم وأبرزها استوب البلدية مع المك نمر وينتشرن بأعداد كبيرة وأشارت المعلومات الى أنهن يستغللن عوائد التسول في شراء مساحيق التجميل والكريمات وأشارت مصادر الى ان معظم أولئك الفتيات هاربات من مناطق وأقاليم محددة بالسودان ويحضرن للخرطوم حيث احترفن التسول وتشير عيون الصحيفة الى أنهن يختفين ليلاً ويظهرن في الصباح .
قصة خيانة ..
في مملكة التسول الواقعة بمحيط الجامع الكبير بحري تمارس كافة الأنشطة علناً من دعارة وإنجاب حيث رصد أعلى معدلات أطفال بتلك المنطقة وتمارس عمليات نهب ليلاً وخطف وتشهد تلك العوالم الخفية دورة حياة كاملة حيث تمارس النساء والأطفال نهاراً التسول ويقمن بغسل ملابسهن وتناول الأطعمة وليلاً تمارس الدعارة علناً بصورة واضحة للعيان تكتمل دورة حياة المتسولين حيث تتم عمليات إنجاب في تلك المنطقة وفي عدد من المرات حينما تتعثر الولادة يتم نقلهن إلى حوادث الولادة حيث يضعن أطفالهن .
في تلك المنطقة قصة حقيقية واقعية بطلتها متسولة أنجبت لتوها ولكن صديقها خانها ولجأ لصديقتها ليعيش حياته فلم تحتمل الأمر وتشاجرت مع صديقتها في منتصف الشارع العام ووقعت مشاجرة كادت تودي بحياة إحداهن دهساً بسبب الصديق الخائن وطاردت إحداهن الأخرى في منتصف الطريق دون مراعاة للسيارات التي كانت تسير مسرعة وتشاجرن في منتصف الطريق وأصابت إحداهن الأخرى حتى سال دمها وكان الجميع بالشارع العام ينظر دون تدخل ولكن تدخلت مملكتهم وسحبتهم من منتصف الطريق وكانت المعتدية تردد عبارات (امشي يا خاينة) وعبارات أخرى، لم تمض دقائق حتى عاد الصديق الخائن ولم أتوقع ردة فعله حينما قام بزجر أم ولده وذهب لتطبيب جرح صغير سببته أم ولده لعشيقته الجديدة .
(7) فتيات ورجل..
واقعة أخرى بالقرب من سوبر ماركت بالخرطوم (2) حيث تقوم مجموعة من المتسولين والمتسولات بإيداع أموالهم بتلك البقالة ولا نعلم ما علاقة صاحب البقالة بأولئك المتسولين ، بعد ان قاموا بإيداع بعض الأموال وشراء بعض الاحتياجات خرجت نحو (7) فتيات يتوسطهن شاب كفيف، هذا الشاب يومياً تقوده إحدى الفتيات ويمارسا التسول بتقاطع السيد عبدالرحمن مع المك نمر وأحياناً يظهر في شارع البلدية وفي كثير من الأحايين يغير موقعه المعروف، هذا الشاب تشاجر مع الفتيات السبع اللائي تكالبن عليه وعندها وجد نفسه وحيداً وسطهن فطلب منهن تقسيم الأيام بينهن .
إحدى المتسولات اختفت الآن من وسط الخرطوم كانت تمتطي المواصلات العامة يومياً من شرق النيل وتحضر الى استوب القصر لتمارس التسول بأسلوب استدرار العطف حيث تعاني من فقدان إحدى أرجلها ووصلت هذه السيدة مرحلة ان قامت بشراء منزل وبنائه لطابقين وشراء سيارة ومن يومها لم تعد تظهر مجدداً .
أساليب التسول ..
يمارس المتسولون أساليب متعددة للتحايل على المارة إما بأسلوب الشحدة وطلب المساعدة المباشر او بتقديم مستندات علاجية أو روشتات مثلما يفعل رجال كبار في السن وشباب يدعون بان أحد الوالدين مريض وفي حالة حرجة وبحاجة للمال أو يدعون بأنهم عابرو سبيل وانقطع بهم السبيل او بأسلوب المديح وهنالك أسلوب لأطفال سودانيين يمارسون مسح الزجاج لاستدرار عطف سائق السيارة بجانب الوقوف بأبواب المساجد والمستشفيات والدعوات الطيبات وأسلوب الأطفال في الإمساك بأيدي المارة بإلحاح وبصورة مزعجة .
في السابق كانت الدولة تقوم بترحيل المتسولين الى دولهم ولكنها توقفت بعد اكتشاف عودتهم بصورة سريعة عقب ترحيلهم عبر الحدود المفتوحة وارتفاع كلفة ترحيلهم كانت أحد أهم أسباب إيقاف عمليات ترحيلهم .
مهدد أمني..
أصبح المتسولون وتواجدهم في مجموعات يشكل مهددا أمنياً كبيراً للمواطنين والمارة بالعديد من الشوارع مثل شارع صينية القندول سابقاً بالسوق العربي وشارع الجامع الكبير بحري وعدد من الشوارع التي يتواجد فيها المتسولون بأعداد كبيرة، فضلاً عن تعرض المتسولين أنفسهم لمخاطر السقوط ضحايا في قبضة عصابات الاتجار بالبشر والاتجار بالأعضاء حيث يتم الاتفاق معهم على بيع كلية مثلاً ومن ثم يتم تجهيز إجراءاتهم وترحيلهم الى الدولة التي ستجرى فيها عملية نقل العضو وهنالك يتم نقل عدد من الأعضاء والتخلص من جثثهم .
قبل أعوام حكى لي أحد المتسولين بان رفيقه سافر كنت قد اعتدت على رؤيتهما يتسولان معاً وعندما اختفى سألته عنه فأجابني بحزن ان شخصا حاول إقناعهما الاثنين للسفر وبيع كلية ولكنه رفض بشدة بينما وافق صديقه وسافر ولم يعد وحينما سأل علم ان صديقه تم الاستيلاء على كليتيه الاثنتين وتم التخلص من جثته .
يرى الخبير الجنائي اللواء (م) علي عبدالرحمن أن التسول يعتبر من الظواهر التي تتناسب طردياً مع معدلات الجريمة لافتاً الى أن معظم المتسولين الذين نراهم ذوو سجلات جنائية ومعتادو إجرام ويمارسون التسول كغطاء لأنشطتهم الإجرامية أضف الى ذلك ان هنالك أفرادا يستغلون المتسولين لصالحهم ويحققون عوائد طائلة من وراء التسول، وحسب التصنيف العالمي فان التسول يعتبر من السلبيات في أداء الحكومات، ولفت اللواء علي الى انه من المفترض أن يتم حصر المتسولين الأجانب ومراقبتهم عن طريق مراقبة الأجانب وتصنيفهم وترحيلهم الى دولهم إلا أن الدولة غير قادرة على ترحيلهم وتوفير احتياجاتهم .
يقول الخبير القانوني مجاهد عثمان عمر ان ظاهرة التسول زادت وانتشرت وان هنالك أجانب من دول النيجر وتشاد وإفريقيا الوسطى ونيجيريا لافتاً الى أن هذه الظاهرة أصبحت مهنة لدى الكثير من المتسولين حتى انه أصبح من الصعب التمييز بين المحتاج وممتهن التسول ومشيراً الى أنها قتلت المروءة في المواطنين ولفت مجاهد الى أن المتسول مجرم بموجب القانون إلا ان القانون غير مفعل لأسباب تتعلق بضعف دور الرعاية الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وشدد على ضرورة محاربة الظاهرة التي استفحلت وكادت تحدث خللاً أمنياً مشيراً الى إسهام المجتمع ودوره الفاعل في محاربتها عن طريق العمل التطوعي الخيري ودور شركات القطاع الخاص من خلال بند المسئولية المجتمعية وإعالة العاجزين عن العمل ومنحهم كفالات شهرية وتوفير فرص للشباب القادرين على الإنتاج وانتشالهم من التسول .