وزير التربية والتعليم بولاية الجزيرة لـ(الإنتباهة): إضرابات المعلمين أفرزت واقعاً كارثياً وسط الطلاب
الولاية تعاني من نقصٍ حادٍ في المعلمين ولم يفتح باب التعيين لأكثر من عشر سنوات

لا أذيع سراً إن قلت إن معلماً متعاوناً يشغل مدير مدرسة بالمناقل
الصراع بين المجالس التربوية صنيعة سياسية ولأسباب مالية
* اقر وزير التربية والتعليم بولاية الجزيرة المكلف د. كمال عوض عبد الله جملة من الإشكالات تواجه العملية التعليمية بالولاية، مشيراً الى حالة النقص في المعلم والكتاب المدرسي، وكشف عن وجود عدد من المتعاونين بالمدارس، وقال انه لا يذيع سراً ان قال ان معلماً متعاوناً شغل منصب مدير مدرسة بمحلية المناقل، وابدى كمال مخاوفه من انتشار ظاهرة المخدرات وسط الطلاب، منوهاً بأن الفراغ الذي أحدثه اضراب المعلمين خلال الفترة الماضية أدى الى إفرازات سالبة وسط التلاميذ والطلاب من ضمنها تنامي ظاهرة التسرب المدرسي، واشار الى ان الصراع داخل المجالس التربوية بسبب التدخلات السياسية، مؤكداً خلال هذا الحوار مع (الانتباهة) استقرار العام الدراسي.
حاوره: محمد احمد كباشي
* كيف تسير العملية التعليمية بالولاية في ظل التحديات التي تواجهها؟
ــ حقيقة العام الدراسي بولاية الجزيرة بدأ بداية مشرفة وقوية ومستقرة، ولكن بعد ذلك بدأت المشكلات تظهر على السطح بسبب إضرابات وتدخل اللجان، ورغم ذلك ومن خلال متابعتنا لسير الدراسة أثناء الفترة التي شهدت الإضراب اتضح ان كثيراً من المدارس بالولاية لم تتوقف عن الدراسة عدا بعض المدارس في حواضر المحليات، وعندما طلبنا تقريراً عن سير الدراسة كانت النتيجة مشرفة، مثلاً محلية القرشي نسبة سير الدراسة 100%، وتدرجت في بقية المحليات بين 95% الى 85%. وكانت نسبة انتظام الدراسة في محلية ود مدني الكبرى خاصة الصف الثالث الثانوي جيدة ووصلت نسبة دراسة المقرر حوالى 60% من المنهج، وارى ان هذه النسبة جيدة مقارنةً بالظروف التي تعيشها المدينة، ولكن الحمد لله، فبالرغم من هذه الاضرابات فقد استقر العام الدراسي بعد ان قامت وزارة المالية بالاستجابة للمطالبات المالية والمستحقات وتم رفع الاضراب، والآن بدأت بعض المدارس في الامتحانات التي تسير بصورة طيبة.
* ما هي الخطوات التي تم اتخاذها لاكمال المقرر؟
ــ بلغنا ان بعض المعلمين والمعلمات في بعض المدارس يقومون بتدريس أكثر من درس في حصة واحدة، وهذا بالتأكيد يؤثر في التحصيل وفي إيجاد عدم رغبة في مواصلة التعليم خاصة عند الأطفال. والعام الدراسي محكوم بايام، ولذلك طلبنا من المعلمين إبعاد السياسة عن التعليم لأن ذلك سيكون له أثر سالب، ووجهنا مديري التعليم في الولاية بأن يوجهوا بدورهم مديري التعليم في المحليات بعدم الاستعجال، ولا بد أن تعقد اجتماعات وتصل إلى الطريقة المثلى لاكمال المقرر.
* ماذا عن البيئة المدرسية؟
ــ اغلب المدارس التي تأثرت بالفيضانات كانت في محلية المناقل وجنوب الجزيرة، فقد اولت حكومة الجزيرة الأمر اهتماماً كبيراً منذ بداية الكارثة وتم عمل إجراءات إسعافية، وتمثل ذلك في احضار الخيام وتوزيعها على المناطق التي تأثرت ودمرت نهائياً، وهناك جهود شعبية كبيرة خاصة في المناقل، حيث تعاقدت حكومة الولاية مع شركات، وعلى الرغم من الكارثة فإن التعليم لم يتأثر. وهناك تكدس في بعض مدن الولاية، حيث يصل عدد التلاميذ في الفصل الى أكثر من مئة طالب، ولذلك هذه مشكلة تجعلنا نقف عندها معاً مع بداية العام الدراسي القادم لفك هذا الاختناق على ألا يتجاوز عدد التلاميذ في الفصل خمسين تلميذاً.
* كيف تبدو العلاقة بين الوزارة والتعليم الخاص؟
ــ نحن كوزارة ننظر إلى التعليم الحكومي والخاص كعملة واحدة ولا يوجد تمييز بينهما، وعلاقتنا مع ادارة التعليم الخاص بها ممتازة، وهي ملتزمة تماماً بالتقويم المدرسي المحدد بـ 4/5.
* ماذا عن موقف الكتاب المدرسي في كل المراحل؟
ــ بالنسبة للمرحلة الابتدائية لا توجد لدينا مشكلة في الكتاب، باعتبار أن البنك الدولي يقوم بطباعة الكتب، حيث تسلمنا عدداً من الكتب تمت طباعتها في الهند بدعم من البنك الدولي. لكن المشكلة في المرحلة المتوسطة حيث يتم وضع المنهج في وقت ضيق واحياناً مع بداية العام الدراسي ولا توجد كتب، اما في المرحلة الثانوية فقد تعاقدت حكومة الولاية مع شركة الجزيرة للطباعة حيث تمت طباعة كتب، ولكن نسبة للتحديث الذي طرأ على المطبعة نتفاجأ بأنها تأخرت كثيراً، فقبل أسبوع ونحن في شهر مارس تسلمنا كتباً، وبالتالي هذا التأخير له انعكاسات سالبة، لكن نعمل على معالجتها قبل بداية العام الدراسي القادم بإذن الله.
* هناك نقص حاد في المعلمين بحسب شكاوى اولياء الأمور، فما هي انعكاسات ذلك وما هي جهودكم لسد النقص؟
ــ صحيح نعاني بشدة من نقص كبير في المعلمين، وهذا يرجع الى انه منذ عام 2013م لم يتم تعيين ولا معلم واحد في الحكومة، والآن ظهر مجلس المهن التربوية وهذا المجلس يعمل على تقنين مزاولة المهنة، ولذلك لا يمكن تعيين معلم ما لم يكن حاصلاً على رخصة مزاولة المهنة، وهذه الاجراءات تأخرت كثيراً لقيام الامتحانات بسبب ان القائمين على الامر قاموا بجمع الممتحنين في منطقة واحدة والعدد كان يفوق (14) الف خريج ولذلك لم تنجح، وبعد التفاكر تم الاتفاق على ان تعقد الامتحانات بالمحليات والحمد لله تمت بنجاح.
* هل سيتم فتح باب التقديم لاستيعاب معلمين لسد النقص؟
ــ الآن سنشرع في فتح وظائف للإحلال، فهناك من تقاعد للمعاش، وسيكون التعيين في المحليات البعيدة، وفي اغلب المدارس المعلمون متعاونون، ولا أذيع سراً ان قلت ان مدرسة بمحلية المناقل مديرها متعاون، وغيره ممن استمر متعاوناً لأكثر من عشر سنوات، وهذا كما ذكرت بسبب عدم فتح باب التعيين لنحو عشرة أعوام، ولذلك نعمل على معالجة وتوفيق أوضاع هؤلاء باعتبارهم ضحوا واكتسبوا خبرة طوال السنوات الماضية دون أن يتم تثبيتهم. والمشكلة الاكبر هي التصديق للوظائف الاتحادية، ونحتاج لعدد كبير من المعلمين، ففي ود مدني فقط نحتاج الى (40) معلماً.
* ماذا عن الصراع الدائر بين المجالس التربوية بمحلية الكاملين؟
ــ صراحة نعاني من المجالس التربوية على الرغم من أن لهذه المجالس نظم ولوائح وحدود، ولكن للاسف الآن باتت تتدخل في الشأن الفني، وهذا من المؤكد انه من اختصاص وزارة التربية، اما دائرة اختصاص المجالس فتنحصر في تحسين البيئة المدرسية ودعم المتعاونين والإسهام في دعم العملية التعليمية في مناطقهم، لكن هذه المشكلة ليست في الكاملين وحدها بل في محلية ود مدني الكبرى وشرق الجزيرة، وكل هذه المشكلات بسبب المال والمسائل الشخصية، وهي مشكلة صعبة وتعود الى
دخول السياسة في المجالس، وقبل فترة تم حل المجلس التربوي والآن حين تشكيله تم الطعن فيه بأن المجلس غير قانوني، وطالبناهم حين الشروع في تكوين المجلس باخطار المكتب لحضور ممثل للوزارة مع مراعاة النصاب حول قانونية التكوين.
* ما حقيقة الاتهامات التي طالت بعض الجهات بخصوص رسوم امتحانات مجلس المهن التربوية؟
ــ مجلس المهن التربوية جسم قائم بذاته وتابع لمجلس الوزراء، وقبل عامين كان التقديم للحصول على رخصة مزاولة المهنة مجانياً، والدفعة اللاحقة دفعت (720) ألف جنيه لـ (13) ألف خريج، واتضح أن العدد الفعلي (20) الفاً، اي ان هناك ما يقارب سبعة آلاف لم يدفعوا، أما في وحدة الصناعات فيوجد أكثر من (40) خريجاً لم يمتحنوا ووجهت بان يسمح لهم بالامتحان، بعد ذلك ظهر خلاف بين الضابط التنفيذي ولجنة أمن المحلية وبعض الأهالي، وذكرت للضابط التنفيذي هناك أن مسألة حل المجلس ستنتج عنها إشكاليات من بينها أن هؤلاء عندهم المالية.
* ماذا بشأن ظاهرة التسرب وسط التلاميذ وما هي الدوافع لذلك؟
ــ هذه حقيقة مؤلمة، ونعم توجد نسبة كبيرة من التسرب وسط التلاميذ بسبب الاضرابات الاخيرة التي أفرزت واقعاً مأساوياً وسط الطلاب، وانت تتحسر عندما تشاهد اطفالاً في سن التمدرس يقفون عند إشارات المرور باعة جائلين قادمين من القرى، والأسوأ من ذلك الفراغ الذي تركه اضراب المعلمين وسط الطلاب، وقبل الإضراب لم تكن هناك ظاهرة المخدرات، ولكن بعد الإضراب ظهرت الظاهرة، ولا بد ان يعمل الجميع على اجتثاثها حتى لا تدمر شبابنا، وهذا ايضاً يعود لعدم متابعة اولياء الامور والاسر لابنائهم الى جانب ضعف الوازع الديني.
* اين يقف التعليم الفني من خريطة الوزارة؟
ــ اولينا التعليم المهني اهتماماً كبيراً خاصة المدارس الصناعية والتعليم المهني، والآن تجرى عمليات تأهيل وصيانة لمدرسة الحصاحيصا الصناعية من خلال جهود شعبية ودعم من نائب رئيس مجلس السيادة حتى تواكب المرحلة، لكن لدينا مشكلة في المعهد الكوري، فهناك خلاف حول تبعيته للوزارة ام لمكتب العمل، لكن حقيقة ان المعهد يقدم خدمات في مجال التعليم، ونأمل ان يتم إلحاقه بوزارة التربية، وللاسف ان المعهد يتعرض لسرقة معدات واجهزة، وبأيلولة ملكيته للولاية سيخدم قطاعاً كبيراً.