القضارف.. الإعسار هل يقود إلى تعثر الموسم؟

القضارف : عمار الضو
لا تخلو مجالس المدينة هذه الأيام من الحديث حول موجة الإعسار التي ضربت مجموعات من المزارعين بولاية القضارف لجهة أن السجون قد ضاقت بإعداد منهم فيما تلاحق أوامر القبض على آخرين على الرغم من تعهدات سابقة أطلقها ديوان الزكاة للتدخل والإسهام في معالجة أزمة الإعسار والتي باتت تهدد الموسم وقد تبقت فترة قليلة من دخوله في المقابل يواجه الموسم أيضاً بتعقيدات لا تقل تأثيراً عن قضايا الإعسار وأهمية الأمر خصصت خيمة الصحفيين الرمضانية بولاية القضارف ندوة حول الأزمة .
أسباب الإعسار
وأرجع رئيس اللجنة المفوضة لمزارعي القضارف، ياسر علي الصعب، تزايد الإعسار وسط المزارعين، إلى عدة أسباب، من بينها رفع الدعم عن الوقود، وإرتفاع تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة، بجانب تٲخر التمويل الزراعي، مما دفع كثير من المزارعين للجوء للسوق و(الكسر) و مايسمى بـ(الكتفلي) فضلاً عن عدم إلتزام شركات التٲمين الزراعي بالسداد للمعسرين، وإنخفاض أسعار المحاصيل، ونقص معدلات الأمطار في بعض المناطق.
خارج الموسم
ونبه الصعب لخروج أعداد كبيرة من المزارعين عن دائرة الإنتاج وعدم قدرتهم على الزراعة في الموسم القادم بسبب إعسارهم التراكمي..!
وشدد الصعب على ضرورة إيجاد حل جذري لقضية الإعسار، بمعالجة أسبابها.
أرقام مخيفة
تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى نحو أكثر من (3) آلاف مزارع من كبار وصغار المزارعين، متعثرين لدى البنوك والمصارف والسوق..! وقال المزارع بمنطقة الرهد، أحمد العمدة، إن المزارعين الآن ما بين سجين وهارب، وبعضهم إختفى داخل المنازل، لا يستطيع حتى إفطار رمضان خارج المنزل، وكشف العمدة عن خطاب وجهه والي القضارف، للبنك الزراعي بإيقاف ملاحقات المزارعين، وصوب المزارعون إنتقادات لاذعة لديوان الزكاة بالولاية، لتماطله في سداد مديونيات المزارعين المعسرين، وفقاً لبند الغارمين، وأشاروا إلى أن (95%) من جبايات الزكاة يتم تحصيلها من المزارعين، وفي السياق أوضح الأمين عبداللطيف البدوي، إن سبب الإعسار يعود بصورة رئيسية لرفع الدعم عن المحروقات، ودعا البدوي المركز للتدخل لحل مشكلة المزارعين، كما حدث في سنوات سابقة، بتقديم دعم مالي للولاية لمواجهة الإعسار، وتوجيه البنوك الحكومية والتجارية بتخفيض سداد السلم.
أزمات مرحلة
وأوضح رئيس اللجنة المفوضة لمزارعي القضارف، خلال حديثه في منتدى الخيمة الرمضانية للصحفيين بالقضارف، حول (الزراعة.. التحديات والفرص)، بدار الشرطة بالقضارف، أوضح إن تحديات الزراعة، ظلت قديمة ومتجددة، ٲجملها في عدم توفر مدخلات العملية الزراعية (التقاوي المحسنة، المبيدات الأسمدة، الآليات، تٲخر التمويل، التسويق)، ولفت الصعب للتطور الكبير الذي شهدته الزراعة بالقضارف، من حيث تنوع التركيبة المحصولية، وإدخال محاصيل زراعية واعدة، والتوسع في زراعتها مثل (القطن، التسالي، فول الصويا، زهرة الشمس)، وقال إن مساحات القطن بالقضارف إرتفعت إلى مايقارب (مليون) فدان، لكن ياسر نوه إلى استخدام التقانات الحديثة لدى المزارعين لازال محدوداً وليس بالصورة المطلوبة، وعزا ذلك إلى إرتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وخاصةً التقانات الحديثة .
الجمعيات هي المخرج
بدوره شدد رئيس لجنة العرض الاقتصادي، أسامة درزون، على ضرورة وضع خارطة إنتاجية بالولاية، تحدد نوع المحاصيل حسب المناطق، ومساحاتها، وقال درزون إن القضارف لديها فرص كبيرة واعدة في مجال إنتاج المحاصيل النقدية والحبوب الغذائية، والصناعات المرتبطة بها، ودعا درزون المزارعين لتأسيس شركات (جماعية) متخصصة برأس مال كبير، تتولى مهام توفير الوقود للمزارعين والمدخلات (تقاوي، أسمدة، مبيدات، خيش)، فضلاً عن الآليات، وقال درزون يجب النظر بصورة كلية للعملية الزراعية تستوعب المتغيرات التي حدثت، والتطور الزراعي في العالم، وحاجة السوق العالمي.
غياب شركات التأمين
صوب رئيس اللجنة المفوضة لمزارعي القضارف، ياسر الصعب، إنتقادات لاذعة لشركات التأمين، ولوح بمقاضاتها حال عدم إلتزامها بسداد استحقاقات المزارعين، وتعويضاتهم بطرفها، وقال الصعب إنهم ناهضوا التأمين الزراعي الإجباري واسقطوا بسبب عدم إلتزام الشركات، وأنها تأخذ أموالهم بـ(الباطل)، وأضاف الآن هناك مزارعين ذهبوا لشركات التأمين بإختيارهم لكن بعضها لم يلتزم بسداد استحقاقات عملائها المزارعين، حسب العقد المبرم، وأكد الصعب إن المزارعين أوفوا بسداد أقساط التأمين، لكن الشركات لم تف لهم، وهدد برفع دعوى قضائية في مواجهة شركات التٲمين.
الشرطة وتأمين الموسم
أشار مدير شرطة ولاية القضارف، اللواء شرطة حقوقي، مدثر حسب الرسول الخليل إلى إرتفاع تكلفة التشغيل، بالنسبة لتأمين الموسم الزراعي، وقال إن الشرطة تواجه صعوبات وتحديات في توفير تكاليف التشغيل لتأمين الموسم الزراعي، وأكد مدير شرطة القضارف، خلال حديثه في (الخيمة الرمضانية للصحفيين بالقضارف)، استعداد الشرطة لحماية وتأمين الموسم الزراعي المقبل، وذلك بعد أن تمت زيادة عدد العربات للدوريات المتحركة ونقاط الإرتكاز، بشراء أسطول عربات جديدة لشرطة الولاية، مشيداً بالدعم الكبير المقدم من حكومة القضارف في سبيل ذلك، وأضاف، ندخل الموسم القادم بكامل الجهازية من المتحركات والقوات البشرية، بعد توفير عدد (٢٢) سيارة جديدة، وتدريب عدد كبير من المستجدين.
تحذيرات من السالف
وحذر مدير الشرطة من عودة عمليات(السالف) بصورة واسعة بالولاية، وقال إن أكبر المشكلات التي تواجه الشرطة في بلاغات النهب والسرقات، تنازل المزارعين عن بلاغاتهم من النيابة العامة! محذراً من أن هذا الأمر سيفتح الباب واسعاً لعمليات السالف، ودعا حسب الرسول المزارعين لعدم التنازل عن بلاغاتهم للقضاء على ظواهر السرقات والنهب التي ظهرت مؤخراً في عدد من المناطق، منوهاً إلى أهمية مشاركة المواطنين في العملية الأمنية بالتبليغ الفوري، والرصد والمتابعة للظواهر المخلة بالأمن.