على خلفية أحداث مروي – (الجيش) و (الدعم السريع).. الأزمة تتجدد

تقرير: محمد عبد الحميد
وصل الاحتقان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مداه، بسبب العملية السياسية الجارية والاتفاق الإطاري، ودخل الخلاف بين القوتيْن العسكريتيْن مرحلة حرجة تنبئ بوقوع ما لا تحمد عقباه.
في وقت انطلقت فيه مساعٍ من قادة حركات الكفاح المسلح لنزع فتيل الأزمة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين لضمان عدم انجراف البلاد ووقوعها في مستنقع الحرب الآسن الذي سيقضي على الأخضر واليابس حسب بيان القوات المسلحة.
وأجج وصول رتل عسكري من قوات الدعم السريع إلى محيط مطار مروي حفيظة الجيش ومواطني المدينة الذين هبوا للوقوف مع القوات المسلحة مطالبين بخروج الدعم السريع من المدينة، مما يثير تساؤلاً هل سقطت ورقة التوت عن الاتفاق الإطاري؟
(1)
واتهم بيان الجيش السوداني فجر الأمس الخميس قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن، مشيراً الى أن هذه التحركات والانفتاحات تمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها، مما أثار الهلع والخوف في أوساط مواطنين وفاقم المخاطر الأمنية وزاد التوتر بين القوات النظامية.
وبالمقابل كذبت قوات الدعم السريع ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء الماضي حول مزاعم قيامها بأعمال حربية تجاه مطار مروي، وقالت إن وجودها في الولاية الشمالية وفي مروي على وجه التحديد يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات في إطار تأدية مهامها وواجباتها التي تمتد حتى الصحراء.
وقالت القوات في بيان صحفي لمكتب الناطق الرسمي إن قوات الدعم السريع قوات قومية تضطلع بعدد من المهام والواجبات الوطنية التي كفلها لها القانون، وهي تعمل بتنسيق وتناغم تامين مع قيادة القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى في تحركاتها.
غير أن بيان المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد ركن نبيل عبد الله نبّه الى أن تلك الانفتاحات وإعادة تمركز القوات يخالف مهام ونظام عمل قوات الدعم السريع، وفيه تجاوز واضح للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية، واستمرارها سيؤدي حتماً إلى المزيد من الانقسامات والتوترات التي ربما تقود إلى انفراط عقد الأمن بالبلاد.
(2)
في مقابل ذلك أكدت قوات الدعم السريع تمسكها بانتشارها وتنقلها في كل أرجاء الوطن من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية ومكافحة التهريب والمخدرات والجريمة العابرة والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت.
وقال بيان الجيش إنه يقع على عاتق القوات المسلحة دستوراً وقانوناً حفظ وصون أمن وسلامة البلاد تعاونها في ذلك أجهزة الدولة المختلفة، وقد نظمت القوانين كيفية تقديم هذا العون، وإنه بناءً على ذلك وجب عليهم دق ناقوس الخطر بأن البلاد تمر بمنعطف تاريخي وخطير، مضيفاً أنه لم تنقطع محاولات القوات المسلحة لإيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات، وذلك حفاظاً على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس. وحذر القوى السياسية من مخاطر المزايدة بمواقف القوات المسلحة الوطنية التي لم تبخل بتقديم المهج والأرواح رخيصة لينعم السودان بالأمن والاستقرار.
وأعلن رئيس الحركة الشعبية شمال مالك عقار ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم وقائد حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، عن مساع بذلوها لنزع فتيل الأزمة بين الجيش والدعم السريع. وكشف القادة في تصريح صحفي مشترك جاء فيه: (بهذا نود إحاطة شعبنا الأبي بأننا بذلنا مساعي حميدة بين إخوتنا في قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لنزع فتيل الأزمة الأمنية التي تكاد تورد البلاد موارد الهلاك).
(3)
وأضاف التصريح قائلاً: (وجدنا تجاوباً من الجانبين اللذين نهيب بهما التحلي بالروح الوطنية وتقديم كل تنازل يحقن الدماء ويعين على تحقيق الوفاق الوطني الشامل). وتابع التصريح قائلاً: (ستتواصل جهودنا دون كلل وسنفيد شعبنا بكل مستجد).
وطلب رئيس حزب الأمة القومي اللواء م. فضل الله برمة ناصر، عقد اجتماع عاجل صباح أمس الخميس بدار الأمة بأم درمان، لمناقشة التطورات الخطيرة وتصاعد الاتهامات بين القوات المسلحة والدعم السريع. وقال إن الأوضاع الأمنية باتت أقرب للانطلاق، وأنها لا تحتمل الإجراءات الروتينية العادية.
ونبه برمة في بيان صحفي إلى أن المخاشنة العسكرية وصلت لمرحلة ما قبل إطلاق الطلقة الأولى، فيما نادى البيان القوى السياسية بالنأي عن إصدار أية بيانات أو دعم طرف من الأطراف.
وفي غضون ذلك يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. عبد الرحمن أبو خريس ضرورة أن تكون هناك وحدة للقيادة والسيطرة لتتحكم في تحرك كل القوات العسكرية في جميع أنحاء البلاد، فتحرك قوات الدعم السريع حسب بيان القوات المسلحة بمعزل عن التنسيق مع القوات الأمنية الأخرى يعتبر خللاً كبيراً في المنظومة الأمنية ووحدتها، مما يعني وجود مهدد كبير للأمن القومي السوداني. وطلب خريس من جميع القوات الأمنية الالتزام بوحدة القيادة والسيطرة والتوجيه لأنه صمام أمان العملية العسكرية في البلاد، وقال ان التنسيق يقلل الخسائر ويوفر الحماية للقوات المسلحة والمواطنين.