مسابقة عيون الشباب على التنمية

مساع خارجية وداخلية لنزع فتيل الأزمة.. خلافات (الجيش) و(الدعم ) هل تقبر (الإطاري)..؟

تقرير: محمد جمال قندول

كل ما يقترب الضوء من اخر نفق الإطاري ثمة تعقيدات جديدة تعيد تقهقهر العملية السياسية للخلف، وليس اخرها حشد قوات الدعم السريع لقوات بمنطقة مروي بالولاية الشمالية، التي خلقت حالة من التوتر وتصاعد الاحتقان بينها وبين الجيش، الامر الذي جعل الحل السياسي الجاري تحت مجهر التقييم، وهل يعبر الإطاري من تحت ركام الازمات للتوقيع النهائي، ام ان خلافات رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، قد تفضي لانهيارها بشكل نهائي، فبينما كانت تستعد اطراف العملية السياسية لمهر حبر التوقيع الاخير خلال ابريل الجاري أطل شيطان التفاصيل بورشة الاصلاح الامني والعسكري، والقت بظلال سالبة اوقفت مجرى المساعي الجارية لوضع حد للازمة، حيث لم تتوصل اللجان الفنية بين الجيش والدعم السريع حتى الان، لنتائج ملموسة تنبئ بقرب الختام للعملية السياسية التي وقعت في مطلع ديسمبر الماضي، لتتفاقم الازمات بتصاعد خلافات الرجلين الاول والثاني وخروجها للعلن خلال الاشهر الاخيرة .

(1)

ويوم الاربعاء عاشت البلاد فاصلاً جديداً للازمة التي يصعب تفكيكها او تشريحها، فالبعض ينسبها للجنرالين، فيما الغالبية ترى بانها ازمة مؤسستين ستذهب في الخواتيم للحسم النهائي سواء بالدمج او حلول اخرى.

ولكن المحلل السياسي محمد ادريس لا يرى وجود خلاف عسكري بين الجيش والدعم السريع، وانما تباين في الرؤى السياسية تمخضت عن احتشاد واحتشاد مضاد جراء العملية السياسية، وكان يمكن حلها داخل اروقة المؤسسة العسكرية بعيداً عن الاعلام والمنابر السياسية خاصة وانه من المعلوم بان الدعم السريع هو الساعد الأيمن للقوات المسلحة بكل عملياتها ما قبل وبعد التغيير، ولم يحدث اي تغيير او جديد بل كانت كل الخطابات تشير للانسجام بين الجانبين، ولكن جاء الاتفاق الاطاري الذي خلق جفوة بين من يطالب بترجمة العملية السياسية بأطرافها المعلومة، ومن يرى بضرورة توسيع ماعون المشاركة وإثر ذلك اختلط الحابل بالنابل ودخل في الخط تجار الحرب وسماسرة معروفون، ولكن رغم ذلك ما زالت السيطرة ونزع فتيل الازمة ممكناً.

ويستبعد ادريس حدوث اي اشتباك على عكس ما يروج بمواقع التواصل الاجتماعي من واقع ان المكونين كانا رفقاء خنادق ولهم صولات وجولات بحفظ واستقرار امن البلاد.

ودعا محدثي الى ضرورة تغليب صوت العقل وعدم الزج بالأجهزة الامنية بالصراعات السياسية وان يتجه الطرفان للتحاور وطي الخلافات بعيداً عن الاعلام.

(2)

في الخامس من ديسمبر العام الماضي وقع المكون العسكري مع مجموعة المجلس المركزي واحزاب الشعبي والاتحادي وجماعة انصار السنة اتفاقاً اطارياً برعاية الثلاثية والرباعية ووضعت له مواقيت وتفاصيل وصولاً للخواتيم غير انه وبعد ٥ اشهر لم تصل الأطراف للنهايات السعيدة، وظهر تباين واضح حتى داخل المكون العسكري نفسه اذ بدأ ذلك ينتشر باصرار حميدتي على المضي قدماً بالاتفاق باطرافه المعلومة فيما بدا واضحاً ان القوات المسلحة تريد خلق اكبر قدر من التوافق، وهو ما برز عبر تصريحات قائده العام ورئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان والفريق اول ركن كباشي والفريق اول ياسر العطا والذين ظلوا يؤكدون على ذلك في كل خطاباتهم، وكان اكثرهم وضوحاً الفريق اول كباشي خلال زيارته الشهيرة لولاية جنوب كردفان مطلع فبراير الماضي، حينما قال بانهم لن يرتضوا دستوراً وضعه عشرة اشخاص في إشارة لاطراف الاطاري ثم تطورت لغة الخطاب رويداً رويداً حينما اعلن رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، عن ضرورة دمج الدعم السريع في صفوف الجيش مقابل انجاز الإطاري.

ويرى المحلل السياسي د. محمد عبد الرحمن بان الخلافات بين المؤسستين بدأت تشكل هواجس وقلقاً للمواطنين مطالباً بضرورة ان تنصاع الاطراف لحل ومن ضمنها دمج الدعم السريع بالجيش، حيث إن القوات المسلحة لن تتنازل عن ذلك الشرط الذي بدأ ينمو كمزاج عام بالجيش، والذي رأى تمدد الدعم كمنظومة موازية له، ويشير محدثي الى ان الاتفاق الاطاري انتهى الى غير رجعة، بالتداعيات الاخيرة بين الجانيين عقب احداث مروي الاخيرة، الامر الذي يعني ان اللجان الفنية بين المؤسستين لن تستمر طويلاً.

وانطلقت مساع داخلية وخارجية لرأب الصدع بين الجيش والدعم السريع ونزع فتيل الازمة، وكشف رئيس اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية، وحاكم إقليم دارفور، القائد مني أركو مناوي عن نجاح مساعيهم في نزع فتيل الأزمة التي نشبت مؤخراً بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وأوضح مناوي عبر تدوينة بالفيس بوك وقال:  “نزعنا فتيل حرب كادت أن تنشب اليوم مشيراً إلى نجاح الجهود التي قادها كل من مالك عقار، وشخصه، وجبريل إبراهيم في تجنب المواجهة التي كادت أن تندلع بين الجيش والدعم السريع، مؤكداً استمرار الجهود لتجنيب البلاد مغبّة الوقوع في براثن الحرب والخراب مرة أخرى، فيما دفع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني برسائل لقيادات القوات المسلحة والدعم السريع لتهدئة الأوضاع ووقف حدة التوتر.

وكشف موقع الشرق عن جهود حثيثة تقودها قيادات الحركات للجمع بين البرهان وحميدتي في اجتماع ضمن مبادرة نزع فتيل الازمة بين الرجلين.

(3)

وتسيد البرهان وحميدتي المشهد العام للدولة، في اعقاب سقوط نظام البشير وشهد اول عامين درجة تفاهم وتنسيق وانسجام بين الرجلين، ولكن سرعان ما بدأت تتغير هذه الصورة النمطية خلال اخر عامين تحديداً، ويرى مراقبون ان ذلك مرده ان الجنرالين اظهرا تنافساً بين الحواضن الاجتماعية ومارسا استقطاباً للادارة الاهلية والطرق الدينية، الامر الذي بدا يرسم طريقاً جديدة للعلاقة بين الاثنين فيما جاء الاتفاق الإطاري ليضع حداً مفصلياً ليس بين علاقة البرهان وحميدتي، وانما بين المؤسستين، الامر الذي اشاع حالة من القلق بين المواطنين، وذلك تحديداً منذ توقيع الاتقاق الاطاري الذي اظهر تقارباً بين حميدتي ومجموعة المركزي، فيما كان الجيش يدعو لضرورة عملية شاملة تفادياً لاي تعقيدات تصاحب الانتقال مستقبلاً.

فيما تذهب بعض الاصوات الى انه حال استمرار حالة الاحتقان الحالية، وتجدد الازمة بين المكونين على فترات متباعدة، فان ذلك قد يقود في نهاية المطاف لمواجهة محتملة بين الطرفين قد تكون لها اثار مدمرة على البلاد.

(4)

خبراء سياسيون اشاروا الى انه ينبغي الاسراع في توسعة قاعدة المشاركة بالاتفاق الإطاري، باضافة الكتلة الديمقراطية باعتبارها مكونات فاعلة، وطرح اعلان سياسي جديد يتجاوز العملية الحالية حتى تكون جاذبة للجميع مع ضرورة تقديم تنازلات من جميع الاطراف سواء أكانت عسكرية او مدنية وذلك لضمان ان يكون هنالك مسعى حقيقياً لنزع فتيل الازمة. وإما السيناريو الاخير والمرتقب بان تتجه القوات المسلحة بتشكيل حكومة تصريف مهام والاتجاه لانتخابات مبكرة.

وكان الاسبوع الاول من الشهر الفضيل قد شهد بدء ورشة الإصلاح العسكري والأمني في قاعة الصداقة غير انها لم تختتم، حيث ما زالت اللجان الفنية تعمل على ايجاد نقاط تلاقي فبينما يصر الجيش على فترة دمج الدعم السريع في رحمها بمدة لا تتجاوز العامين فان الاخيرة لا ترغب في هذه المدة وتطالب بعشر سنوات.

وتمر العملية السياسية الحالية بمخاض عسير، حيث إنها تواجه تعقيدات حقيقية في سبيل العبور للنهايات، حيث تواجه برفض سياسي واسع من الكتلة الديمقراطية والجذريين ونداء اهل السودان والاسلاميين وتيارات اخرى، تطالب بتغيير الاطاري والبحث عن منصة واعلان سياسي جديد ومنبر شامل.

وبعد احداث الاربعاء التي جرت بمنطقة مروي وحالة الانتشار الامني والتي لم تعد تخفي على احد فان التنبؤ بمصير الاطاري يبدو صعباً مع تقلص فرص نجاحه، خاصة على ضوء تفاقم الخلافات بين الجيش والدعم السريع، فان المشهد بات يتسع لحدوث اكثر من سيناريو ولا يرتهن للثوابت، ومن المرتقب ان تتخلق صورة جديدة للانتقال حتى لو مرت بهزة قوية وان كل المؤشرات تقود الى انه لربما تكون هنالك قرارات مرتقبة على اقصى تقدير بعد عيد الفطر، وان الاوضاع لن تمضي على هذه الوتيرة.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى