نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي لـ” الإنتباهة “:

فوزي جاء من تيار صحفي وليس سياسي لاننا عندما نأتي النقابة نخلع عنا العباءة السياسية!!
نحن في النقابة نساند آمال وتطلعات الصحفيين السودانيين!
بإعلاء المشتركات يستطيع صحفيو البلدين إرساء وترسيخ علاقات جيدة!!
حوار – عمار العركي
يرى خبراء أن فوز المعارض اليساري ذائع الصيت داخل وخارج مصر، خالد البلشي 50 عامًا، والمؤيد لثورة 25 يناير المصرية بمنصب نقيب الصحفيين جاء مفاجئًا للجميع، ويبدو أن الصحفيين المصريين الذين انتخبوه أرادوا توجيه عدة رسائل من خلال ممارسة مهنية ونقابية حرة ومستقلة، بحسب لقاءاتي وحواراتي مع عدد من أعضاء الجمعية العمومية ومجلس النقابة الذين أجمعوا على أن آمالهم وتطلعاتهم الصحفية تعلو على أي اعتبارات أو تقديرات سياسية.
” الزلازل” هو تشبيه تداوله البعض حال إعلان فوز المعارض الحقوقي خالد البلشي بمنصب نقيب الصحفيين في انتخابات التجديد النصفي التي جرت يوم 17 مارس الماضي، وبحسب اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات، فقد فاز الكاتب الصحفي خالد البلشي بمنصب نقيب الصحفيين بعدد أصوات بلغ 2450 صوتًا، بينما حصل منافسه الأبرز الكاتب خالد ميري (رئيس تحرير صحيفة الأخبار المملوكة للدولة) على 2211 صوتًا، من إجمالى 5000 ناخب، كما أعلنت اللجنة فوز كل من عبد الرؤوف خليفة، وجمال عبد الرحيم، وهشام يونس، ومحمود كامل، ومحمد يحيى، ومحمد الجارحي بالمقاعد الستة لعضوية المجلس.
وشغل مقعد النقيب قبل البلشي لدورتين متتاليتين د. ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، والذي لم يتقدم للترشح هذا العام بسبب القانون الذي يحظر ترشحه للمرة الثالثة على التوالي بعد الفوز بدورتين سابقتين.
– انتهزت فرصة لقائي بالنقيب المنتخب في احتفال نقابة الصحفيين المصريين، بعيدها الـ 82 وتكريمها لعدد 56 من المراسلين الحربيين في حرب أكتوبر 1973م، فكان بيننا الحوار التالي:
_ أستاذ خالد، بداية نهنئكم على فوزكم ونيلكم ثقة الصحفيين المصريين، ونرجو التعريف بمن هو خالد البلشي؟
أنا خالد البلشي، صحفي مصري، بكالوريوس صحافة من كلية الإعلام جامعة القاهرة، مُصنف من منطقة اليسار، بدأت عملي بمجلة اليسار المصرية، ثم سكرتير تحريرها، بعدها عملت في “روزاليوسف” وعدد من التجارب الإدارية والتحريرية، مثل “الدستور” مع الأستاذ (إبراهيم عيسى)، جريدة “البديل” اليسارية كمسئول التحقيقات والأخبار ثم رئيس تحريرها، إضافة لرئاسة تحرير عدد من الصحف والمواقع مثل (البديل، البداية، كاتب، الوادى نيوز، درب) أغلبها حُجبت، ووكيل نقابة الصحفيين الأسبق، ورئيس لجنة الحريات بالنقابة الأسبق، حصلت على جائزة نقابة الصحفيين المصريين للتحقيقات الصحفية في عام 2004م، ثم جائزة نيلسون مانديلا وحراسا ميشيل للحريات عام 2017، وتقدَّم هذه الجائزة للمدافعين عن حقوق الإنسان من بين 300 مرشح حول العالم، وتم ترشيحى في عام 2018م ضمن (القائمة القصيرة لمراسلين بلا حدود)، وانتخبت في 2013م عضوًا في مجلس النقابة، ثم وكيل ورئيس لجنة الحريات بالنقابة في 2015م، ثم انتُخبت نقيبا للصحفيين في الانتخابات الأخيرة.
_ خالد البلشى، بكل هذا الزخم الصحفي، ورمزية المعارضة الحقوقية في مصر يفوز بأغلبية أصوات شارفت النصف ( 2450 من 500)، ما تعليقك؟
هذا الفوز كان عبارة عن تعبير وتصويت على الوضع الصحفي النقابي في مصر،.على اعتبار أنه كانت هناك مشكلة غياب النقابة عن كثير من القضايا، وفي الوقت نفسه كان ضمن الحراك النقابي العام على أساس أننا أمام قضايا ووضع صعب جدًّا، ولكن على مستوى تقديري الشخصي كان انتخابًا من تيار صحفي وليس سياسي؛ لأننا عندما نأتي النقابة نخلع عنا العباءة السياسية والتحزب.
_ عطفًا على ذلك، يمكن القول بحرية واستقلالية النقابة الصحفية المصرية؟
بالتأكيد؛ فنحن كنا أمام اختيار تيار صحفي عريض يعبر عن أحوال الصحافة والصحفيين وآمالهم وتطلعاتهم في تغيير الأوضاع بشكل عام، وهذه كانت رسالتنا، وإن كان الانتخاب مفاجئًا للبعض، ولكنه لم يكن مفاجئًا للجمعية العمومية للنقابة؛ لأنه كان ضمن آمالها وتطلعاتها التي تصبو إليها وتعمل على تحقيقها.
_ هذه الممارسة النقابية في ظل التأثير والبصمات الصحفية المصرية على المستوى العربي أو مستوى العلاقة مع نقابة الصحفيين السودانيين، هل من رؤى وخطط في هذا الاتجاه؟
نقابة الصحفيين المصريين في أصلها منفتحة على فكرة التعاون مع الصحافة العربية عمومًا على مستوى النقابات العربية أو اتحاد الصحفيين العرب بشكل عام؛ باعتبار أنه امتداد طبيعي لنا ولمقدراتنا في الدفاع عن الصحافة العربية، ونحن نرى أن الوضع الصحفي يتشكل ليس على مستوى مصر وحدها ولكن على مستوى امتداد المنطقة العربية، أما بالنسبة للصحافة السودانية، فنحن من منطلق إحساسنا كامتداد لبلد واحد ندرك حجم التغيرات الأخيرة في السودان بشكل عام، وندرك حقيقة آمال وتطلعات الصحافة والصحفيين السودانيين، ومثلما بساندوننا، ويساندون طول الوقت الأوضاع في مصر؛ فبالتالي نحن نساند آمال وتطلعات الصحفيين السودانيين، وهذا ضمن خططنا في التواصل والتعاون مع الصحافة العربية والسودانية على وجه خاص، والعالمية بشكل عام.
_ كيف يخدم هذا التواصل والتعاون العلاقة بين البلدين التي تشهد حالة من الشحن والتعبئة العاطفية الضارة؟
الدفاع عن الصحافة وقضية الصحافة جزء أساسي من التعاون الذي أعنيه، أما الواقع السياسي فإحساسنا أن الشعبين المصري والسوداني شعب واحد، تربطنا علاقة معزة ومحبة خاصة، أعتقد أنها متبادلة طول الوقت، ونحن نتحدث عن تعاون يليق بالصحافة وشعبي البلدين، تعاون صحفي يؤسس لتجاوز كل الخلافات والصور النمطية التي من شأنها التأثير وإفساد العلاقة بين الأشقاء بشكل عام.
_ الصحافة أو الإعلام عمومًا، بما فيه المقروء والمشاهد، ووسائل التواصل الاجتماعي في البلدين، له تأثيره السلبي و الإيجابي، فلماذا نجد صوت الأزمات والتشاكس السلبي أعلى من الإيجابى؟
بالضبط، وهذا جزء من مهمتنا المشتركة، بين النقابتين المصرية والسودانية وكل النقابات العربية، أننا نتشارك في صُنع صورة مختلفة؛ بإعلاء قيمة التعاون على قيمة الأزمات، إعلاء المشتركات بين الصحافة والشعوب العربية؛ لأننا نعتقد أنه بإعلاء المشتركات نستطيع إرساء وترسيخ علاقات جيدة، نتجاوز بها الصور النمطية للخلافات والأزمات، فهذا ما يجب أن تفكر فيه النقابات العربية بشكل عام، والسودانية والمصرية بشكل خاص، فطول الوقت وبحسب الخلفية التاريخية ظل الشعبين شعبًا واحدًا متآخيًا ومرتبطًا برباط وحضارة النيل القائمة على جانبيه، ودورنا أن نتجاوز (خطاب الأزمات والتشاكس)، وأن نُعلي (خطاب التعاون والمشتركات)، كما يجب علينا فهم التغيرات السياسية التي تحدث من مكان لمكان، ومن شعب لشعب، ومن نظام لنظام.
من زاوية التغييرات السياسية هذه، لا يخفى عليكم تأثر النقابات السُودانية عمومًا بالتغيير السياسي الذي تم في السودان، ومحاولات التسيس والاستقطاب الحاد، خاصة نقابة الصحفيين السودانيين وما اعتراها من اختلال مهني ونقابي، فهل هذا يتعارض أو يضيق من مساحات التعاطي والتعاون والتواصل التي ذكرتها؟
نحن لا نستطيع فرض اختيارات على النقابة السودانية، نحن نتعامل مع اختياراتها هي؛ لذلك نحن نقول بضرورة أن تتجاوز النقابات واقع الخلفية السياسية العامة، والتعامل بالواقع المهني النقابي الصحفي؛ وذلك لما فيه من مشتركات وقواسم مشتركة تُيسر عملية التعاون والتعاطي، وهذا يتأتى بمرونة وسلاسة حتى داخل النقابة الواحدة التي تشهد صراعًا سياسيًّا شبيهًا بالموجود في النقابة المصرية؛ فالكل مجمتع ويلتقي عند تلك المشتركات المهنية النقابية رغم التباين والاختلاف السياسي، وفي تقديري هذا الالتقاء بإمكانه أن يمتد ويلتقي بكل النقابات الصحفية خارج مصر، ومن شأنه أن يكون منفذنا للخروج وتجاوزًا للصراع السياسي أيًا كان شكله على مستوى كل النقابات العربية عامة، والسودانية خاصة، وبناء حالة نقابية ممتدة بين مصر والسودان وأشقائها العرب على أرضية اتحاد الصحفيين العرب.
نتمنى الاستقرار في السودان والاستفادة من هذه التجربة النقابية، وحتى يستقر التعاون والتواصل بلا تعقيدات أو عوائق فما العمل؟
نتمنى ذلك، نحن كذلك صادفنا هذا الاختلاف الصحي والمشروع في فكرة الارتقاء بالمهنة، سبق أن صادفنا وعشنا ذلك قبل سنوات، ولكن تجاوزناه بإعلاء قيم المهنة النقابية الصحفية وحريتها والدفاع عنها فوق كل الاعتبارات بعيدًا عن الحزبية والتحزب وإن كان هذا دورًا سياسيًّا طبيعيًّا يُمارس في كل النقابات، ولكن لا يجب أن يتجاوز تلك القيم الصحفية والنقابية، مع تفهم الواقع الذي يختلف من بلد لبلد، ولكن عندنا قاعدة أرساها نقيب النقباء المصريين (كامل زهيرى) “أننا نخلع العباءة الحزبية عندما ندخل النقابة”، وهذا كان الضامن لبقاء واستمرارية النقابة.
كثير من هذا الحديث لاحظناه من مشاهدتنا الفيلم الوثائقي وفقرات احتفال النقابة بمرور 82 عامًا على تأسيسها، وتكريمها لعدد 56 من المراسلين الحربيين، كأول منشط لدورتكم الجديدة، حدثنا عن هذه الاحتفالية؟
الاحتفالية كانت إحياء لتقليد سنوي ممثل في الإفطار الجماعي لأعضاء النقابةـ بحضور أكثر من 1300 صحفي، كأعلى نسبة مشاركة في تاريخ النقابة، وإحياء مرور 82 عامًا على تأسيسها في عام 1941م، التي توارث عملها النقابي أناس مختلفون سياسيًّا لكنهم اجتمعوا وتوحدوا حول المهنة والنقابة، هذه الفاعلية دعونا لها النقباء الذين تعاقبوا، ودعونا كل المراسلين الحربيين الذين شاركوا في حرب أكتوبر، وكذلك دعونا كل المختلفين في الأراء والمتفقين حول هذه المهنة، ورسالتنا كانت الاحتفاء بكل هؤلاء، وبكل هذا التنوع.
أستاذ خالد، أخيرًا، هل زرت السودان؟
الحقيقة أنا لدي امتداد سوداني طويل من خلال عمل زوجتي التي عاشت في السودان سنوات بسبب عملها صحيفة هناك، وكانت تتردد على “جوبا” قبل وبعد الانفصال من خلال عملها بالأمم المتحدة، حيث كانت تعمل على تدريب الصحفيين في الخرطوم، وجوبا، والمرة الوحيدة التي قررت فيها الذهاب إلى الخرطوم حدثت لي ظروف حالت دون ذلك، لكني أتمنى زيارة السودان قريبًا.
منذ الآن نوجه لك الدعوة باسمنا واسم الصحفيين السودانيين لزيارة السودان،
كلمة أخيرة:
سعدت كثيرًا بهذا اللقاء الذي في ختامه أتمنى للشعب السوداني عامة والصحافة والصحفيين السودانيين كلَّ الخير والاستقرار والرفاه، وكل عام وأنتم بألف خير.