الفرق بين الخطأ والإجرام
محجوب مدني محجوب

الخطأ يمكن الرجوع عنه.
يمكن لصاحبه أن يندم .
يجعل صاحبه يتوقف ويتراجع ويستفيد من الدرس.
أما المجرم فما تزيده مصائبه إلا عنادا.
ما تزيده حرائقه إلا أن يزيدها حطبا.
سعادة الفريق البرهان لم يستفد إطلاقا من أخطائه.
فهو منذ أن عرفناه ممثلا لجيش السودان بعد سقوط حكومة (الإنقاذ) لم يخرج من خطأ إلا ويقع في خطأ أكبر منه.
رضي الفريق البرهان بالوثيقة الدستورية المعطوبة ثم تنكر لها.
لم يحرك ساكنا إزاء مجزرة القيادة العامة.
لم يحرك ساكنا تجاه شهداء الثورة ومفقوديها وجرحاها وأسرهم.
لم يقدم أي حكومة بديلة إزاء انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الذي قام به سوى أنه أعاد به رموز النظام البائد وعطل محاكمتهم.
رفض (قوى الحرية والتغيير) وفي ذات الوقت لم يأت ببديل لهم.
بذل كل جهده ووقته لتطبيق (الاتفاق الإطاري) وحشد له المجتمع الدولي وفي النهاية لا أحد رفضه وتنصل منه غيره.
وكان هو السبب المباشر وغير المباشر في اندلاع حرب في الخرطوم في الخامس عشر من إبريل لا يعرف إلى الآن من هو المستفيد منها.
اوصل البلاد إلى اللاشيء.
لا أحد مسيطر عليها لا عسكري ولا مدني ولا أهلي ولا أي جهة.
كل ذلك لأن البلد صارت بعد سقوط (الإنقاذ) مهيأة لحكومة مدنية منتخبة وحتى لا تصل لهذه الغاية صنعت هذه الفوضى المقصودة والتي كانت من أصعب فصولها الحرب.
وها هو اليوم يفاجئ الفريق البرهان الجميع بتعيين مالك عقار نائبا للمجلس السيادي.
فظهر مالك عقار بموقف عن الحرب يختلف كل الاختلاف عن موقف الفريق البرهان نفسه.
حيث أظهر مالك عقار نفسه بأنه حمامة سلام وأنه سيرفع غصن الزيتون لا السلاح في منصبه الذي جاء فيه بديلا لحميدتي.
فلم يعرف هذا الموقف الذي جاء به عقار هل هو موقف خاص به أم أنه موقف جديد للبرهان لا يريد أن يظهر به؟
فمعروف أن الفريق البرهان لطالما تحدث أن هذه الحرب لا بد أن تحسم في الميدان، وأنها حرب (الكرامة) وأنها تريد أن تدحض الدعم السريع الذي قال أنه تحول إلى مليشيا.
الغريب أن هذا الموقف الذي ظهر به مالك عقار لم يتبناه حتى وفد الفريق البرهان الذي ذهب إلى جدة في المبادرة التي تبنتها أمريكا والسعودية لوقف الحرب حيث ذكر وفد الفريق البرهان أنه لن يدخل مع وفد الدعم السريع إطلاقا في أي حوار لإيقاف الحرب.
مجرد هدن أو اتفاق على عدم استخدام المستشفيات أو عدم التعرض للمدنيين أو إفساح الطرق لبعثات الإغاثة أما الحديث عن إيقاف الحرب فهذا غير وارد إطلاقا.
ذات الموقف صرح به مندوب الفريق البرهان الدكتور دفع الله الحاج علي الذي أطلع عليه السعودية ومصر.
جاء مالك عقار والذي عينه الفريق البرهان خلفا لحميدتي يحمل غصن السلام ويقول أنه يريد أن يوقف الحرب ولم يأت بأي سيرة لحرب (الكرامة).
هذه التداعيات قبل وأثناء الحرب إذا لم يتم الاستفادة من الأخطاء الكارثية، فإنها ستتحول ولا أدنى شك من حالة أخطاء إلى حالة إجرام، وبالتالي فلا ينفع معها سوى الإزالة وإلا سيدخل السودان في كمية من الجرائم كل واحدة تقود لأخرى أعظم منها.
هذه الأخطاء التي وقعت المسؤول عنها الفريق البرهان باعتباره رأس الدولة من جهة وباعتباره هو من أحدث كل هذه التغييرات، فإن لم يتم الاستفادة والعظة منها، فسوف تتحول إلى سلسلة جرائم المتضرر الأكبر منها الوطن والمواطن.