الحربُ التي جَبَّتْ ما قبلَها
شعر: أيوب صديق

كِفّي لدمعكِ واصبري يا مَريَمُ
وهِبيه فِعــلةَ آيبٍ يَتنَدمُ
فلعلَ ذا الدَمعَ الهَتونَ مُكفـرٌ
واللهُ يَغفر للمُسيءِ ويَرحَمُ
واليتِ قَحتَ (المَركزيَّ) مَثابةَ
تَبَعًا لهم تَمضين أنَّى يَممــوا
ظنًا أقول بذا، ولستُ بعالمٍ
إن كان يُغسلُ مِنكِ بالدَمعِ الدَمُ
قولي لـ(عروةَ) و(البريرِ) و(بُرمةٍ)1
ولإن بَكيتِ أسىً فإنكِ مـنهـمُ
أذللتمُ الحزبَ العريقَ وقد بدا
خَنِعًـا يُقادُ كما يُقادُ الأيْهَمُ 2
ألِفَ السكوتَ لدى اليسارِ مَذلةً
ولوِ استبانَ الحَقَ لا يتكلمُ
قولوا لعُبادِ(الإطارِ) وكلِ مِنْ
للشرِ وعثاءَ الشَــقا يتجشَمُ3
أذكيتمُ البَغضاءَ بينَ صُفوفنا
وغدتْ أواصرُنا بِكمْ تَتصرمُ
أنجزتُمُ الوعـدَ اللعينَ فهذه
الحربُ التي في الناسِ قد أوعـدتُمُ
أكلتْ إطارَكمُ اللعـينَ وإنها
حَصدتْ كذاك بكفِ من لا يَعْـلَمُ
آلافَ أغرارِ الشبابِ فأصبحوا
جُثثًا تُحيطُ بِها النُسورُ الحُــوَّمُ
نَهشًا وقد شَبِعتْ على أكبادِهمْ
وكذاكَ قد شَبِعَ الكلابُ الهُــوَّمُ
****
إن الذين بنارها قد بَشروا
وبلحنِها كلٌ بدا يـترنَمُ
لَظننتُهُمْ يتقدمونَ صـفوفَها
فإذا بظنيَ فَعلُ مَنْ يَتوهَمُ
من بعدِ تهديدِ المنابرِ جَهْرةً
جَبِنوا، فَلَما أرعدتْ فإذا هُـمُ
ما بينَ مختبئٍ يلوذُ بجُحرِه
فَرِقًا ومن صِفةِ الشَجاعةِ مُعــدِمُ4
أو ذاك في صفِ الأجانبِ للجَلا
ثَمِلٌ ومِنْ شَبَعِ الخِيانةِ مُتخَـمُ
ليعودَ ساقيَ خَمرةٍ أربابَه
ومَذلةً يُسقي الكلابُ ويطعم
عَشقَ المهانةَ واستطابَ فُتاتَها
لا يستحي خجَلاً ولا يتَحَــشَّمُ
طوعَ البَنانِ لِكلِ ما أُمِروا به لا يَشتكي أيْنًا ولا يَتبرمُ
كلٌ مَضى يَرجو النجاةَ بنفسِه
وجحيمُهم في دارنا تتضـــرمُ
****
قُلْ (للإطاريين) خابَ المُرتَجى
وسلاحُكُمْ للجيشِ نِعمَ المَغْـنَمُ
أغريتُمُ الدَعْمَ السريعَ توهُمًا
بهزيمةِ الجَيشِ الذي لا يُهزَمُ
ليُعيدَكمْ للحُكمِ مُنيةَ واهمٍ
ومِن الثعالبِ لا يخافُ الضَيْغـَـمُ
لا تعجبوا فاجنوْا ثمارَ غِراسِكمْ
وثمارُكم في الغارسينَ جَــهَـنمُ
أكننتُمُ الغدرَ الخبيثَ تآمرًا
وعلى فِعالِ الشَــرِ قــد واثقتُمُ
ولِعِـلمِ ربيَ ما تُكنُ نفوسُــكم
وبمكرِكم يا (قحتُ) قــد أُخـزيتُمُ
****
إن الذي امتَهنَ الكلامَ مُحَرِّضًا
مثلُ الذي امتَهنَ السلاحَ ويَهجُــمُ
أو ذاك مأمورًا يَهزُ بمِعـولٍ ولكلِ ما أمَرَ الأراذلُ يَهـدِمُ
باللهِ غرَّكمُ الغَــرُورُ وعَـربدتْ
بكمُ الهواجــسُ مَرةً فحلُـمـتُمُ
بالحُكمِ عاد لكمْ مَعَ سِنةِ الكرى
وبأنها دانتْ لَكمْ فحكَمتُمُ
قتلاً ونهبًا واغتصابَ حَرائرٍ
بسلاحِ من هو بالرئاسةِ مُغــرَمُ
واليتُمُ العُجْمَ الغُـزاةَ تَجسُسًا
يا بئس بينَ الخَلقِ من واليُتمُ
لم ترقُـبوا في الناسِ عَهدَ أمانةٍ
وتقـيُّكم بالمــوبقاتِ مُــتيَّــمُ
صارت مُقاومةُ اللجانِ تجَسُسًا
فينا تُخبُّرُ للغزاةِ وتُعْـلـِمُ
إلفًا لغدرِ الآمنينَ خِيانةً
بئسَ المُجاورُ والمعـاشرُ كُــنتُمُ
****
ما ذا لو انتصر الغزاةُ وأعرَسوا
فينا فِعالَ الفاتِحينَ وأولَموا
ومضوْا لإفناءِ الرجال تَشِّفيً
كُلٌ تمورُ به الضغائنُ مُفعَــمُ
واستَحْيَ جَمعُهمُ النساءَ تلَذذًا
جَبرًا تُعاشـر من يَشاءُ وتَخْـدِمُ
وقَبيلُ قَحتٍ لا يثورُ لغيرةٍ
ستراه موفورَ الرضا يتبسَّمُ
افتت زعيمتُهم جُموعَ نسائِهم
لو غاب بَعـلٌ فالصديقُ مُؤمَــمُ5
لكنَّ ربَ الناسَ أبطلَ سعيَهم
واللهُ أخـبرُ بالنفوسِ وأعــلمُ
عَصفتْ بِهمْ شُهبٌ يُضاءُ بها الدُجى
ومُــدرعاتٌ رَعدُها يتَهـزَّمُ
وإذا استحرَّ القَتلُ وانكشفَ الغِـطا
والموتُ من فوقِ الجموعِ مُحتَمُ
لجأوا لـ(لا للحربِ) دعوةَ خائفٍ
كلٌ بها خوفَ الردى يَسـتَرحِمُ
رَفضُ الإدانةِ، والحيادُ خِيانةٌ
أعلِمتُمُ يا قحتُ أمْ لَمْ تعلموا
لم يُغنِكُمْ صَمتُ النِفاقِ دَريئةً
أنتمْ مُحاربةٌ ولـو أنكرتُمُ
هذي التي ترجون وقف لهيبها
أنتم لها بالأمـسِ قـد سَـعَّـرتُمُ
وغدًا تَحُطُ هناكَ من أوزارها
وبها تدورُ الدائراتُ عَـلَيكُمُ
لا ظِلَ يُقصِرُ للعدالةِ بَعدَها
كي يَستجيرَ بمجـرمينَ المُجــرمُ
كلٌ يَنالُ جَزاءَ سُوءِ فِعالهِ واللهُ ربكُ عادلٌ لا يَظلِمُ
فبكلِ نفسٍ آلَ قَحتِ أُزهـقـتْ
شركاءُ للدَعمِ السريعِ فـأنتمُ
سينالُكم غَضبُ المُهيمنِ كُلَّما
ناحَ الثَكالى والصِغــارُ اليُـتَّـمُ
وعليكمُ اللَعـَناتُ تَتري كُلما
صَلى العبادُ على النبي وسَلَموا
أو زارَ روضتَه الشريفةَ زائرٌ
أو طافَ بالبيتِ المُكَرَّمِ مُحْرِمُ
أو شَقَ صَمتَ الفجرِ صوتُ مؤذنٍ
عَبِقًا وقد عافَ الرقاَد الــنُوَّمُ
فعليكمُ الدعواتُ قد أولوْا بها
دبرَ الصلاةِ فَلا تُردُ فَهيْنَموا6
****
ذي الحَربُ قد جَبَّت لنا ما قبلَها
وَلِيعلمَ الحَقَ الجميعُ ويَلزَمـوا
ما كان طَيَ الأمسِ لا رُجْعَى لهُ
أفهِمتُمُ يا قحتُ أم لم تفهــموا
لا قَحتَ ثَـمَّ، ولا إطاريًا ولا عِلجًا نراهُ بأمــرِنا يتحكّـَمُ
لا دورَ للسفراءِ، لا مَرحى بِهمْ
فُضِحَ الذي بالأمسِ سِرًا أبرموا
كانوا الثلاثَةَ أو رُباعَ وساطةٍ
خَسِئتْ وساطتُهمْ بما قـد أجْرَموا
هذا غراسهمُ الخبيثُ بأرضنا
في كلِ بيتٍ نائحــونَ ومـاُتَـمُ
لن يرجِعـوا أبدًا لنا بوساطةٍ
ما نحنُ بالجهلاءِ لا نَتَعلّــَمُ
*****
سنَزينُ يومَ غـدٍ بِطُهرِ بِدايةٍ
في ظلِها ثَغــرُ العدالةِ يَبْسِــمُ
ما مَسَّها خَبَثُ اليَسارِ ورِجسُهُ
وبها شَياطينُ الـقَـحَاتةِ تُرجَـمُ
فانصرْ لجيشك لا تُصِخْ لمُخذِّل
فحديثُهم في السَامعينَ مُرَجَّمُ
ذياك من فرطِ الهزائمِ تارةً
يَهذِي بألفاظِ بهِنَ يُتمـتِمُ
أو تارةً يرنو إليك ولا يَرى
بَلْ لا يَعي مما يقولُ ويَفهَمُ
لا تعْجبَنَّ أخي فحسبُك دائم
فصلُ الخِيانةِ بالهزيمةِ يُخْــتمُ
ــــــــــــــ
1ــ المذكورون: شخصياتٌ في قحت المركزي من حزب الأمة.
2ــ الأيهمُ: الذي لا عَقلَ له ولا فهم.
3ــ الإطار: إشارة إلى البرنامج الإطاري الذي كان عدمُ توقيعه من أسباب إشعال الحرب.
4ــ فَرِقًا: خائفًا.
5ــ مؤمَم: موجودٌ ومضمون.
6ــ هينم فلانٌ: دعا الله