“الإطاري ” المفترى عليه
أحمد يوسف التاي

(1)
سؤال جوهري وعلى درجة من الأهمية ، ظل يقفز على أذهان المراقبين والمحللين السياسيين،وبات يلح بعد مرور ما يقارب الشهرين على الحرب.. والسؤال هو: هل كان لهذه الحرب أن تنفجر بين الجيش وقوات الدعم السريع، لو لا رفض البرهان التوقيع على الإتفاق الإطاري، وبمعنى آخر هل كان الخلاف حول توقيع الإتفاقية السبب الرئيس لاندلاع الحرب؟ أو بمعنى أدق هل أقدم حميدتي على الحرب لإرغام البرهان على التوقيع حرصا على تحقيق التحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية كما زعم؟
(2)
الحقيقة الأكثر جلاء هي أن خلافات الجيش والدعم السريع سابقة للإتفاق الإطاري، ولعل هذا ما أشار إليه رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في خطاب له في العام 2021قبل بضعة أشهر من إنقلاب البرهان 25 اكتوبر 2021، حيث كشف حمدوك عن خلافات عسكرية عسكرية في إشارة واضحة للخلافات المكتومة بين الجيش والدعم السريع، وأخري مدنية مدنية وثالثة مدية عسكرية..
وما يعزز هذه النقطة أيضا إعلان قوى الحرية والتغيير عن وساطة تقوم بها بين البرهان وحميدتي لإنهاء الخلافات المستعرة بينهما، وكل ذلك سبق الإتفاق الإطاري..
(3)
وبعد 25 اكتوبر 2021،بدأت الخلافات تكسر طوق السرية وتخرج للعلن إلى أن استبطن حميدتي نقدا وجهه لإنقلاب 25 اكتوبر، وأتبعه بإنتقادات صريحة وهي التي بلغت منتهاها بعد الخلافات حول الإتفاق الإطاري.
وسبق كل ذلك التقاطعات التي حدثت بين الطرفين وانفلتت من عقالها بعد تأييد حميدتي لدستور المحامين، بينما توجس منه البرهان، مما يؤكد أن الرجلين أصبحا على النقيض، أذ بات جليا أن كل ما يحظى بالقبول عند البرهان يجد الرفض عند حميدتي والعكس صحيح تماما..كل ذلك سبق الإتفاق الإطاري المفترى عليه…
(4)
قد لايكون الإتفاق الإطاري السبب الرئيس في اشعال فتيل الحرب، لكنه بكل تأكيد هو ما عجل بإعلان ساعة الصفر، واصبح مثل قميص عثمان بالنسبة لحميدتي،
ومثل الحلم المرعب لكل المتوجسين من مؤامرة تفكيك الجيش، ومثل
النصل الذي وقع على ذيل الحية الرقطاء بالنسبة للكيزان…فكل طرف من الأطراف الثلاثة نظر إليه من الزاوية التي تخدم اجندته واهدافه..
(5)
في الإتفاق الإطاري وجد حميدتي درقة للإحتماء بها من انتقادات خصومه واتخذه وسيلة للترويج بها سلعة الديمقراطية في السوق الأوربية والغرب عموما، وأما البقية فقد رأوا فيه الخطر الماحق… نعود ونقول أن الإطاري ليس سببا رئيسا للخلافات بين البرهان وحميدتي ولا سببا رئيسا لانفجار الحرب ، فالخلافات والتخطيط والخطط سبقت الإطاري المفترى عليه..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تخب ان يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.