هل تتحقق معجزة ونحصل على مرسى آمن؟
محجوب مدني محجوب يكتب:

كل السودانيين أصبحوا ينتمون لسفينة يقودها البرهان وحميدتي.
ينتظرون نتيجة الصراع بينهما إلى أي نتيجة يفضي.
هل يتبصر الفريقان معا الطريق الصحيح الذي يوصل إلى المرسى؟
هل يتفرد واحد منهما بقيادة السفينة؛ ليخرج السودان من هذا التوهان وهذا الضياع الذي يعيش فيه؟
فإن الجيش لا يريد أن يتدخل في سياسات الفريق البرهان.
هذه السياسات التي بدأها بمواجهة الفريق حميدتي.
ثم بالجلوس معه في مفاوضات جدة.
ثم في تعيين مالك عقار خلفا له.
وبعد قرابة الخمسين يوما، فلا المواجهة حسمت الصراع، ولا المفاوضات أبدت أي جدية في إنهاء الحرب.
ولا تعيين مالك عقار يشير بأن البرهان استفاد من تجربة تحالفه مع الدعم السريع.
إن المرسى الذي نتخبط دونه ولا نعرف قيمته، ولا نعرف الوصول إليه هو العودة إلى المسار الديمقراطي.
هذا المسار الذي تمت محاولة إجهاضه عبر مجزرة فض الاعتصام والتي لم تفلح.
هذا المسار الذي تمت محاولة إجهاضه عبر شيطنة وعزل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعلى مرتين ولم تفلح.
هذا المسار الذي تمت محاولة إجهاضه عبر انقلاب حكومة الخامس والعشرين من أكتوبر هذه الحكومة التي ألغت مشروع ثورة ١٩ ديسمبر بأكمله ثم وقفت عاجزة لطرح أي حكومة بديلة له، واكتفت لمدة أكثر من عامين بتسيير الحكومة بمسؤولين مكلفين.
أما على الصعيد السياسي، فلم تزد من أن تقول للسياسيين: أن اتفقوا أن اتفقوا يا أصحاب المكون المدني.
فهذا الفراغ الذي أحدثته هذه الحكومة عمل على اتساع الأزمة كما عمل على كشف افتقار المكون العسكري من إدارة الشأن السياسي.
ومازالت سفينة الشعب السوداني تتأرجح وسط خضم من الأمواج والأعاصير يقودها الفريق البرهان دون أدنى أمل يشير بأن الرجل سيدرك المسار الصحيح لهذه السفينة.
حاول الفريق حميدتي من أن ينزع مقود القيادة منه، ولإصرار كل واحد منهما على ألا يترك المقود لصاحبه ارتطمت السفينة بصخرة ضخمة اسمها الحرب حولت العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث إلى رماد.
الآن قد تبين أن كلا الفريقين لا يمكن أن يوصلا سفينة السودان إلى مرسى الديمقراطية والمدنية.
كما لم ينجح الفريق حميدتي في استلام المقود من الفريق البرهان، وأكبر خطأ وقع فيه الفريق حميدتي هو عدم تمييزه بين الفريق البرهان والجيش حيث جهل الرجل أن الفريق البرهان لا يمثل نفسه، وإنما يمثل الجيش وإن كانت جميع الأخطاء ترجع إليه.
فنتيجة لهذا الخطأ الذي وقع فيه حميدتي، فبدلا من أن يلتفت الجيش إلى أخطاء الفريق البرهان أبدلها بنصرته والوقوف معه تاركا كل الأخطاء التي وقع فيها.
فبدلا من أن يضعف حميدتي الجيش ويزعزعه جعله يتحدى ويقف مع البرهان حتى وإن كان كثير من الضباط يرفضون سياسة البرهان إلا أنهم لا يستطيعون الوقوف ضدها مقابل الوقوف مع قوات الدعم السريع هذه القوات البعيدة كل البعد عن القوات النظامية.
فبتشابك الفريقين زاد تعقيد الأزمة.
كيف نستطيع إزاء هذا الصراع بين الفريق البرهان والفريق حميدتي أن نوصل السفينة السودانية إلى مرسى آمن؟
المخرج يكمن في خيارين:
الخيار الأول: أن يأتي بديل له القدرة والمعرفة يمسك مقود القيادة بدلا عن هذين الفريقين، ومن ثم يستطيع الوصول بالسفينة إلى مرسى آمن.
الخيار الثاني هو : أنه وسط هذا التخبط بين الفريقين أن يهيأ الله مرسى تصل إليه السفينة دون تخطيط بشري.
ما نرجوه هو أن يلطف الله بعباده وسط هذا الوضع المهلك سواء في
التشاكس بين الفريقين أو أن ينفرد أحد منهما بالسلطة.