استيراد المخابز محاولة لامتصاص غضب الشارع !

الخرطوم: هالة حافظ
وسط رفض واسع من قبل المخابز أعلنت وزارة الصناعة عن وصول مخبزين آليين من أصل عشرة مخابز مصرية لحل أزمة الخبز الخانقة بالبلاد، التي طالما عانى منها المواطن السوداني الذي ظل مرابطاً لساعات طويلة أمام المخابز للحصول على الخبز، والبرغم من حلول سابقة انتهجتها الوزارة متمثلة إيلاء مهمة توزيع الدقيق لشركة الخرطوم للأمن الغذائي التي تتبع للامن الاقتصادي والغاء نظام الوكلاء، الا أن الوضع مازال يمضي نحو الأسوأ، بسبب النقص الحاد في حصص الدقيق لتوقف العديد من المطاحن عن الانتاج لحين سداد متأخرات مديونياتهم على وزارة المالية، فضلاً عن معاناة المخابز من مشكلات توزيع الغاز وارتفاع مدخلات الانتاج لصناعة الخبز، ولنجاح التجربة المصرية تعهدت الوزارة بتشديد الرقابة على الدقيق المدعوم وتوفير الطاقة والعناية بالمواصفات الصحية للمنتج، الا أن أصحاب المخابز التقليدية كان لهم رأي مخالف لرؤية الحكومة .
سياسة رعناء
وشن عضو شعبة المخابز ابو بكر السر هجوماً عنيفاً على وزارة الصناعة على خلفية جلب مخابز مصرية، واصفاً استيراد المخابز الآلية بأنها سياسة رعناء ( فارغة) لا تحتوي على اي منطق، لجهة انه لا يوجد نقص في عدد المخابز، مشيراً الى توفر المخابز بأعداد كافية تقدر بأكثر من (14.000) مخبز بولاية الخرطوم، واخرى مصدق لها بالعمل لها ما يقارب العامين لكن لعدم وجود الدقيق لم تعمل بعد، وقال ان المخبز الواحد حالياً يخبز من (6 ــ 7) جوالات في اليوم، جازماً باختفاء أزمة الخبز في حال وفرت الدولة (13ـ 14) جوالاً في اليوم للمخابز، وتساءل قائلاً: (هل ستأخذ الحكومة حصص دقيق المخابز التقليدية للمخابز الجديدة؟)، واكد تشريد العمالة واصحاب المخابز في حدوث ذلك، مما يعني تفاقم المشكلة وليس حلها، لافتاً الى أن استيراد المخابز بغرض تغطية شح الدقيق في ظل عجز وزارة المالية عن دفع متأخرات استحقاقات شركات المطاحن، وقال ان اغلبية المطاحن تعمل بنسبة ضئيلة لا تتعدى 27%، مؤكداً انه لا توجد مطاحن تعمل بنسبة 30%.
وهدد السر بأنه في حال قررت الحكومة العمل بالحصص القليلة الموجودة في المخابز التقليدية، سيتخذ اصحاب المخابز إجراءات اخرى سواء بالاضراب او بشكل آخر، لجهة ان اصحاب المخابز قبلوا العمل بالخسارة مسبقاً.
حل الأزمة
ويعول عضو اللجنة الاقتصادية بروفيسور محمد شيخون كثيراً على الأفران المصرية في حل الأزمة، ويؤكد في حديثه لـ (الإنتباهة) ان الافران الآلية يمكنها المساهمة في حل ازمة الخبز، مشيراً الى ان أزمة الخبز تحاوي على ثلاثة جوانب يجب حلها، تتمثل في ان البلاد تنتج نسبة معينة من احتياج القمح والمتبقي يتم استيراده، وهذا يحتاج الى تمويل بنقد اجنبي، وان اي شح في النقد الاجنبي وعدم القدرة على التمويل يتسبب في ازمة في الخبز، لافتاً الى ان احد اسباب الازمة نظام التوزيع الذي يجعل الفاقد ما بين المنتج والذي يتم توزيعه للمخبز كبير، واعتبر دخول الأمن الغذائي في التوزيع يساعد في حل جزء من المشكلة، وذلك بتحويل التوزيع للسلطات المحلية، واضاف ان طاقة الانتاج للافران لها أثر خاصة في حال وجود شح في الخبز، مما يؤدي لتدافع الناس وظهور الطوابير الطويلة، جازماً بمحدودية طاقة الإنتاج بالمخابز في كل ازمة، مما يؤثر في انسياب الخبز للمواطنين بشكل مريح ليؤدي الى اصطفافهم لساعات طويلة، وشدد على أهمية ان تحل المشكلة من كل الاتجاهات، الا ان الافران الجديدة مع التقليدية ستساهم في حل أزمة الخبز .
تخفيض التكاليف
ويتفق معه الخبير الاقتصادي محمد الناير الذي يرى في استيراد مخابز بغرض الانتاج باحجام اقتصادية امر في غاية الاهمية، لجهة ان من شأنه تخفيض تكاليف الانتاج، واعتبر الضغط التقليدي على المخابز ينتج عدداً محدوداً من قطع الخبز، وبالتالي زيادة تكاليف العمالة والتشغيل لدى المخابز الصغيرة، الامر الذي لا يوجد في المخابز الآلية التي يكون انتاجها بأحجام اقتصادية، وبالتالي تكون الدولة قد قللت كثيراً من تكاليف الانتاج، وهذا يؤدي الى خفض حجم الدعم الذي تتحمله الدولة، اي انها توفر للدولة جزءاً من حجم الدعم، وقال ان وجود مخابز للانتاج الاقتصادي تكون لها القدرة على توزيع الملايين من الخبز يومياً، وبالتالي تصل للاسواق لتخفف الضغط على المخابز التقليدية التي تكون بها اعداد كبيرة من الصفوف تعمل على مضيعة كثير من الوقت .
واكد الناير ان التحدي الاكبر لا يكمن في المخابز ولا في زيادة الكتل الانتاجية، وانما في عدم حدوث فجوات في القمح والدقيق، وطالب بتوفير امداد مستمر للمطاحن ليتم صرفه كاملاً على مدار العام بغرض الا تحدث مثل هذه الفجوات التي توصف بأنها سوء ادارة في المقام الاول وشح في النقد الاجنبي في المقام الثاني، على ان يتم التفكير في الاعتماد على الذات وزيادة معدلات الانتاج في الداخل بما يكفي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.