السودان: هيثم كابو يكتب: للحركات في يوم التوقيع!

] إن كان يوم (الثالث من يونيو ٢٠١٩م) يقف شاهداً على أبشع جريمة رسمية منظمة يشهدها السودان في عصره الحديث، فإن فترة السبعة وعشرين يوماً ما بين (الثالث وحتى الثلاثين من يونيو) قدمت للناس أسوأ نسخة من (المدنيين الانتهازيين) الذين لا يقلون جُرماً ووضاعة عن العسكر الذين حصدوا أرواح الشباب بدم بارد في يوم فض الاعتصام.
] ما بين يوم تلاتة ويوم تلتين .. شفنا فظائع العسكر ووسخ المدنيين ..
ما بين يوم تلاتة وتلتين سبعة وعشرين يوم تخوين
ما بين يوم تلاتة وتلتين
طلاب السلطة بيرقصوا عارين
ما بين يوم تلاتة وتلتين
ببرطموا وسط الناس المغشوشين
ما بين يوم تلاتة وتلتين
أذيال العسكر مبسوطين
ما بين يوم تلاتة وتلتين
لا نخوة لا أخلاق لا دين
ما بين يوم تلاتة وتلتين
ثوار بري عزيمة يقين
ما بين يوم تلاتة وتلتين
سكان المعرض مطرودين.
] في تلك الأيام البائسة التي غابت فيها فرحة عيد الفطر المبارك، وصام الناس عن تبادل التهاني، تحول السودان إلى سُرادق عزاء كبير، وكنا نرى أقبح المشاهد والصور:
وهاك يا مواكب مصنوعة..
وجحافل مرقت مدفوعة..
وذمم الرجال مبيوعة..
ووضاعة تدخلك الموسوعة
وخدمات النت مقطوعة
وجثث الثوار مجدوعة
وأم (كشة) تئن موجوعة
وأحزانا (مطر) والناس مفجوعة.
] في مثل تلك الأجواء الملغومة تتمايز الصفوف، فالنفوس تكبر في اللحظات المفصلية، وهذا ما أثبتته حركات الكفاح الوطني في شهر يونيو المشؤوم من العام الماضي، لتؤكد للجميع حقاً أنها حركات مسلحة بـ(الوطنية)..!
] قلت وقتها إني أخلع نعلي أمام محرابهم عندما أسترجع شريط مواقفهم في تلك الأيام .. نعم، دائماً ما تنتاشهم السهام حتى ولو كانوا أصحاب قضية عادلة آمنوا بها حسب تقديراتهم الخاصة وناضلوا من أجلها حد الاقتتال.. سلمية المقاومة التي اختارها الشارع طريقاً للثورة لا تعني عدم احترام خيار الحركات القديم في الدخول مع النظام البائد في قتال مسلح لإيمانهم القاطع بأنها اللغة الوحيدة التي يفهمها (الرئيس المخلوع ورفاقه)، لذا كانت قناعتهم أن السلاح وحده الذي سيدفع الطغاة للجلوس على طاولة التفاوض و(الحقوق تنتزع ولا تمنح)..!
] تباينت الآراء؛ واختلفت وجهات النظر حول تقييم مواقفهم؛ ودوافعهم؛ وطموحاتهم؛ وأجندات من يساندونهم بالخارج في ظل تبنيهم لقضايا الدفاع عن المهمشين وضحايا القمع والقصف بالداخل ..!!
] استحقت حركات الكفاح الوطني _ من يمهر توقيعه اليوم ومن ينتظر _ أن نرفع لها القبعات فقد كانت في تلك اللحظات المفصلية التي تبدو فيها أحلام الباحثين عن السلطة أقرب للتحقق في قمة التسامي والوطنية وكامل الوعي والمسؤولية .
] رغم رحلة صراعها القاسية لم تضع الحركات يدها في يد المجلس العسكري بعد فض الاعتصام، ولم تقل أن الأوضاع بالمركز في أسوأ حالاتها وهذه سانحة جيدة يجب اهتبالها للتحالف (الملغوم) مع المجلس الذي كان حينها يسعى لخطب ودها في سبيل البحث المضني لشرعنة وجوده بشتى السبل.. الحركات التي ظلت تقاتل وحدها دون الانضمام لكيان مقاومة سياسي جامع كحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور كان موقفها واضحاً .. والحركات المنضمة تحت لواء قوى الحرية والتغيير قالت وقتها كلمتها واضحة للتاريخ، وكان القاسم المشترك يومها بين الحلو وعقار وعرمان وجبريل إبراهيم ورفاقهم رفض بيع قضيتهم في سوق النخاسة الذي انتظم البلاد في تلك الأيام لتحقيق مكاسب سريعة، أو المشاركة المسمومة في سلطة مغتصبة للظفر ببعض المناصب، وكان رجال الحركات كباراً بمواقفهم في زمن عركت فيه شهوة التعلق بالكراسي أنف الكثيرين بالأرض فتساقطوا تباعاً.. فشكراً نبيلاً في هذا اليوم للحركات التي انتظرت توقيع الوثيقة الدستورية وإعلان الحكومة المدنية لتفاوض في وضع شرعي وتثبت حقاً أنها مسلحة بالقيم الحقيقية، و(لا عزاء لاحزاب الفكة وانتهازية الإدارة الأهلية).
نفس أخير
] وخلف حميد نردد :
السلام ملح المشاعر
ومافي حب الا انبدابو
وبالعديلةالجانا ساير
يا حبابو الجاب عقابو
همبريب السلم يقدل
والأمان يربط سحابو
والديمقراطية تنزل
والوطن يخضر ترابو