مسابقة عيون الشباب على التنمية

صفقة التطبيع مع إسرائيل .. (حسابات الفرصة الأخيرة)

الخرطوم: أميرة الجعلي

بدأ العدد التنازلي لاقتراب التصويت في الانتخابات الأمريكية، إذ تعتبر الفترة السابقة لعملية التصويت  الفرصة الأخيرة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في الوقت الراهن، والتي ربطت فيها الإدارة الأمريكية الحالية إزالة السودان من القائمة بالتطبيع مع إسرائيل.
ولكن حتى الآن لم يعلن السودان موقفه النهائي من تنفيذ هذا الشرط الذي يعد عقبة تقف أمام انفتاح العلاقات بين الخرطوم وواشنطون بشكل أوسع، وانفراجاً لأزمته الاقتصادية الخانقة التي لن تحل إلا برفع  اسمه من قائمة العقوبات الأمريكية.

وجدد التصريح المنسوب لوزير الخارجية المكلف عمر قمرالدين بأن الولايات المتحدة تربط إزالة السودان من قائمة الإرهاب بشرط التطبيع مع إسرائيل، الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية مرة أخرى، مشيراً إلى أن السودان لا يرى أي رابط موضوعي بين رفع اسمه من القائمة والتطبيع مع اسرائيل، مشيراً إلى أن واشنطون وليس تل أبيب هي من وضعت اسم السودان في القائمة. في ذات  السياق أطلق الباحث في مجلس الأطلنطي كاميرون هدسون تغريدة في (تويتر)  تعليقاً على تصريحات قمر الدين أن موضوع التطبيع وإزالة اسم السودان أصبحا مرتبطين بصورة شرطية وعلى المسؤولين في حكومة السودان إدراك هذه الحقيقة بواقعية.
في الوقت الذي دافع فيه نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن توجهات الحكومة للتطبيع مع اسرائيل في مقابلته مع فضائية سودانية (٢٤)، مؤكداً أن مصلحة السودان  تقتضي التطبيع، في المقابل ردد رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك أن قضية التطبيع تحتاج إلى حوارات ومشاورات داخلية ، وكان حمدوك قد اعتذر لوزير الخارجية الأمريكي بومبيو أنه لا يملك تفويضاً للتطبيع وأن يترك ذلك لحكومة منتخبة. وكشفت مصادر مطلعة لـ (الإنتباهة) أن رئيس الحكومة لا يرفض التطبيع لـكنه يخشى من ردود الفعل الداخلية وربما تقوية المعارضة الإسلامية وكذلك إضعاف الحاضنة السياسية للحرية والتغيير.
فيما قال مصدر في الحرية والتغيير استنطقته الصحيفة لأغراض هذا التقرير أن معظم الأحزاب المكونة للمجلس المركزي توافق سراً على التطبيع وترفضه علناً خوفاً من إحراج قواعدها أو اتهامها بالانتهازية .
وتكشف مواقف الأحزاب أن أكثرها رفضاً للتطبيع هي حزب الأمة والشيوعي وأحزاب البعث والحزب الناصري لأسباب تاريخية وأيدولوجية. وتتفق هذه الأحزاب مع مواقف الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وبقية القوى الإسلامية في الساحة السياسية. وأكد ذات المصدر أن مواقف بعض الأحزاب مثل المؤتمر السوداني الذي كان معارضاً للاتفاق تراجع عن موقفه وأصبح داعماً للتطبيع وإن لم يعلن ذلك رسمياً. ويقول محللون إن أكبر الكتل الداعمة للتطبيع هي الحركات المسلحة التي انضمت لركب السلام، حسب اتفاقية جوبا باستثناء جبريل إبراهيم زعيم العدل والمساواة. ويرى هؤلاء المحللون أن دخول الحركات في الحكم والمشاركة في السلطة سيقوي من موقف المكون العسكري الذي يقود عملية التطبيع.
ويتفق الخبير والأكاديمي البريطاني الكس دي وال في تحليل نشره موقع  (BBC) هذا الأسبوع مع تقرير أصدره مركز السلام الأمريكي، أن التطبيع مع اسرائيل سيقوض من مسار التحول الديمقراطي في السودان. وقال دي وال إن السودان يستحق رفع اسمه من القائمة دون ربطه بقضية  التطبيع لكن استعجال الإدارة الأمريكية بقيادة ترمب لتحقيق انتصارات في الملف الخارجي خاصة تطبيع الدول العربية مع إسرائيل قبيل الانتخابات لتعزيز فرص الفوز، قلل من مساحة المناورة للسودان. خاصة مع بروز معارضة قوية من بعض أعضاء مجلس الشيوخ بضرورة تعويض  ضحايا هجمات ١١ سبتمبر رغم عدم صدور حكم قضائي ضد السودان. وإصرار هؤلاء السيناتورات على عدم منح السودان الحصانة السيادية ضد أية ملاحقات قضائية مستقبلاً.
ويرى دي وال أن ربط التطبيع برفع اسم السودان من القائمة سيضعف من فرص نجاحات التحول الديمقراطي إذ سيفتت من تماسك الحاضنة السياسية ويزيد من حدة الاستقطاب السياسي ويقوي المعارضة الإسلامية.
لكن مع مرور الوقت وبدء العد التنازلي للانتخابات مع اقتراب موعد يوم ١٥ أكتوبر لعمل الكونغرس، تبدو فرص السودان آخذة في التضاؤل خاصة بعد إصابة الرئيس ترامب بالكورونا مما عطل من الإجراءات التنفيذية لبعض الوقت، لكن تبرز نبرة تفاؤل من بعض كبار المسؤولين في الخارجية الأمريكية أن الرئيس ترمب سيتخذ القرار رغم معارضة الكونغرس بعد أن أكدت له الحكومة ممثلة في رئيس المجلس السيادي ونائبه موافقتهما على التطبيع وكذلك موافقة حمدوك على التطبيع سراً رغم إنكاره العلني لذلك.
وكما أفاد مصدر دبلوماسي أمريكي لصحيفة (الواشنطون بوست) من قبل أن المفاوضين السودانيين وقعوا في فخ تضخيم الثمن المطلوب للتطبيع  إذ عرضت واشنطون حوالي (٧٥٠) مليون مساعدات إنسانية وتنموية واستثمارات و(٦٠٠) مليون من الإمارات عبارة عن ضمانات لتوفير الوقود والدقيق و (١٠) ملايين من اسرائيل. ومع اقتراب الموعد المضروب ربما تسقط هذه التعهدات ويبقى فقط التطبيع مقابل رفع السودان من القائمة.
لا يزال دونالد بوث المبعوث الخاص الأمريكي متفائل أن الصفقة ستكتمل قبل الانتخابات.
لكن هناك موقفا متصلبا من بعض قوى الحرية والتغيير وتهديدها بالانتقال لخانة المعارضة إذا وافقت الحكومة على صفقة التطبيع. لكن المكون العسكري والحركات المسلحة حسمت موقفها بالمضي قدماً في مسار التطبيع دون تراجع.
في حال ضياع هذه الفرصة وقيام الإنتخابات الأمريكية، هل ستبدأ الإدارة الجديدة من حيث انتهت إدارة ترامب أم ستضيف شروطا جديدة أكثر قسوة، كما توقع بعض الدبلوماسيين الأمريكيين؟.

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى