بعد قرار حلها.. منظمة الدعوة الإسلامية.. الاستعداد للرحيل

الخرطوم: أحمد طه صديق
عندما بث جهازا الاذاعة والتلفزيون القومي المارشات العسكرية في يونيو1989م، سرعان ما ظهر على شاشة التلفاز العميد آنذاك عمر البشير ليذيع بيان الانقلاب الذي شكل لاحقاً سحابات سوداء في تاريخ ونهضة السودان، ولم يكن يخطر وقتها للعديد من المراقبين هوية الانقلاب في أيامه الأولى، ولم يظن المشاهدون والمتابعون لبيان الانقلاب أن عدم تلعثم او اضطراب قائد الانقلاب في اثناء إلقاء خطابه ناتج عن أن الخطاب تم تسجيله وتنقيحه ربما أكثر من مرة، وأن بثه تم من خلال منظمة الدعوة الاسلامية التي يعتقد الكثيرون أنها تمثل المعقل السري لاجتماعات الحركة الاسلامية الطارئة سيما في فترة الانقلاب الأولى، كما يعتقد البعض أن اجتماعات المجلس الأربعيني للحركة الاسلامية قبل انقلاب البشير كانت تتم في مقر المنظمة .
وبالرغم من ان النظام البائد بدا وكأنه يهتم بالعمل الاسلامي والدعوي، الا أن التجربة والوقائع التي اثبتتها لجنة إزالة التمكين اثبتت ان كثيراً من المنظمات الطوعية كانت ستاراً للعمل التجاري لصالح بعض النافذين، وأنها توسعت في امتلاك العقارات والأموال والسيارات، كما تمتع بعضها بالامتيازات الجمركية من اعفاء أو تخفيض، حتى أن وزير المالية الراحل عبد الوهاب حمزة في عهد الانقاذ، اشار إلى هذه القضية واصدر قراراً بإلغاء كل الاعفاءات الجمركية لهذه المنظمات، غير ان هذه القرارات وربما قرارات اخرى ادت الى إبعاده من الوزارة .
نشأة المنظمة
تأسست منظمة الدعوة الإسلامية عام 1981م وفق قانون الهيئات التبشيرية، وباتفاقية مقر وفق قانون صادق عليه مجلس الشعب ووقع عليه الرئيس جعفر نميري، وجُدّد القانون في عام 1990م.
ومقرها بالخرطوم ولديها عدة فروع خارج السودان، وكان يترأس مجلس أمنائها رئيس مجلس السيادة الراحل في الفترة الانتقالية المشير عبد الرحمن سوار الذهب حتى وفاته.
حل المنظمة
وأعلنت لجنة إزالة التمكين في أبريل 2020م قراراً بحل منظمة الدعوة الاسلامية وواجهاتها الاستثمارية وإلغاء تسجيلها، وشمل القرار حجز واسترداد كل أموال وحسابات وأصول المنظمة وفروعها، العقارية والمنقولة ومقراتها ودورها وشركاتها واستثماراتها داخل وخارج السودان، على أن تؤول لوزارة المالية.
واتهمت اللجنة في حيثيات قرارها المنظمة بانها تمثل معقلاً مهماً للنظام البائد، كما أن البيان الأول للانقلاب انطلق منها عبر الأثير .
رد فعل المنظمة
وأكد مجلس أمناء المنظمة في بيان تلقته (سودان تربيون) على ضرورة مواصلة الإجراءات القانونية لاسترداد المنظمة وممتلكاتها ومؤسساتها ومعالجة أية خلافات بأحكام القانون.
وفوض مجلس الأمناء رئيسه ونائبه للتواصل مع الحكومة السودانية لمراجعة قراراتها بشأن المنظمة ومؤسساتها بغية التوصل لحل مرضٍ لكلا الطرفين.
ويقول مدير معهد مبارك قسم الله للبحوث والتدريب التابع للمنظمة جاد السيد رباح لـ (الجزيرة نت): (إن المنظمة الآن لديها اتصالات بقيادات الحكومة السودانية لاحتواء قرار لجنة إزالة التمكين لتبعاتها السالبة على أنشطة إنسانية كبيرة تتكفل بها المنظمة).
ويقر رباح بوجود تدخلات من نظام الحكم السابق، مثل تأثيره في بعض السياسات أو في مجلس الأمناء، لكن المنظمة كانت مضطرة للتعامل مع نظام البشير كأمر واقع على حد قوله. ويشير إلى أن النظام السابق في أول عهده اعتقل رئيس مجلس الأمناء واضطرت المنظمة حينها لاستبداله.
وتقول المنظمة عبر موقعها على الإنترنت إن الامتيازات الممنوحة لها حصلت عليها أسوة بكافة المنظمات الدولية العاملة في السودان، وشُيّد مقر المنظمة على الأرض التى منحها إياها الرئيس نميري في إطار مساهمة دولة المقر.
وتقول المنظمة إنها شيدت خلال فترة عملها آلاف المساجد والمدارس والكليات والمستشفيات في السودان وإفريقيا وشرقي أوروبا، وخرجت ملايين الطلاب وحفظة القرآن الكريم.
نقل المقر
وقرر المجلس نقل مقر المنظمة إلى خارج السودان، مفوضاً رئيس المجلس بتوقيع اتفاق مقر مع الدول التي رحبت باستفاضة المنظمة، وانتخب مجلس أمناء المنظمة القطري عبد الرحمن بن عبد الله آل محمود رئيساً والجنوب سوداني موسى المك نائباً لرئيس مجلس الأمناء، بحسب ما جاء في بيان اصدرته المنظمة ونقلته (سودان تربيون).
وتشير المصادر الى أن منظمة الدعوة الاسلامية من المرجح أن تنقل مقرها إلى الدوحة العاصمة القطرية، باعتبار أن قطر هي الأقرب أيديولوجياً لجماعات الإسلام السياسي، وتفتح النوافذ الإعلامية لها عبر قناة (الجزيرة) الأكثر مشاهدة في العالم العربي، لكن وفق سياسة القناة التي تحاول الموازنة في إبراز الرأي وفق قالب يوظف النهج الذي تنتهجه القناة الذي يعبر في كلياته العامة عن السياسة القطرية.