مسابقة عيون الشباب على التنمية

(الانتباهة) تقف ميدانياً على الأحداث الساخنة (2)ولايات دارفور.. تفاصيل جولة استثنائيـة!!

محلية كأس: محمد احمد الكباشي

واصلنا جولتنا إلى ولايات دارفور هذه الايام للوقوف على مجمل القضايا المتعلقة بالأوضاع الأمنية، فتارة حالات تفلت واخرى صراعات قبلية، وانعكاس ذلك على الخدمات والتنمية والاستقرار، وكانت قبلتنا هذه المرة صوب محلية كاس بولاية جنوب دارفور، وعبر طريق مسفلت استغرقت الرحلة الى هناك زهاء الساعة، ومن الواضح ان حياة السكان على طول الطريق بين نيالا وكاس تبدو أكثر استقراراً من واقع النشاط الرعوي وانتاج الفحم وعرضه للبيع، ومن هذه المناطق بلبل ومراية وجانقي وعدار وتقري وصولا الى كاس، وهي المحلية التي لم تشهد أحداثاً كغيرها من العديد من المناطق، ولكنها احتوت على أكثر من (38) معسكراً للنازحين بـ (160) الف نازح من مناطق جنوب وشرق وغرب وشمال كاس، فضلاً عن نازحين من محلية شطايا يعيشون أوضاعاً متردية وانعدام دور المنظمات، بينما القى هذا الوضع بظلاله السالبة على مدينة كاس، ومازالت تدفع فاتورة النزوح في الصحة والتعليم والمياه، من واقع ما شاهدناه وسمعناه من قيادات ونازحين، فكانت هذه الحصيلة التي خرجت بها (الإنتباهة) من هناك.

الطريق إلى كاس
تعد مدينة كاس التي تقع على بعد (78) كلم شمال مدينة نيالا ثاني اكبر مدينة بالولاية من حيث الكثافة السكانية، وبها رئاسة المحلية والادارات المختلفة، وتشتهر بالمنتجات الغابية والزراعية من الفواكه والخضروات، واذا كانت حاضرة المحلية قد عانت من ويلات الحرب طوال العقدين الماضيين وبصورة غير مباشرة، فهناك مئات القرى أصبحت اثراً بعد عين.
أحداث أغسطس
وكان لا بد ان نقف على نماذج من هذه القرى، وعبر طريق وعر تتخلله كثير من الخيران والمطبات والصخور اتجهت السيارات التي كانت تقل الوفد الى غربي كأس، والمشاهد هنا تنحصر بين قطعان للماشية خلفها راعٍ، بينما تستغل النساء عربات كارو كوسيلة مواصلات، وعربات تجارية تحمل ركاباً في رحلة العودة من كاس الى قرى في ذات المحلية، ولا وجود لوسيلة المواتر، وعلمنا فيما بعد انه قد تم حظرها لاسباب امنية، وبدأت حقيقة لمسناها في منطقة « برونقا» (30) كلم غربي كاس، ومئات المنازل القشية تبدو خاوية على عروشها وتحيط بها نحو (27) قرية ويبلغ عدد سكانها اكثر من (40) الف نسمة، ويقول الشيخ محمد يحيى لـ (الإنتباهة): (شهدت المنطقة موجة نزوح جماعي بسبب اندلاع الصراعات القبيلية، وكان ذلك قبل نحو (18) عاماً، وبعد الإعلان عن العودة الطوعية بدأنا في تعمير المنطقة وممارسة نشاطنا الزراعي والرعوي على قلة الماشية لفقدانها بسبب الاحداث، مع عدم وجود خدمات تشجع على العودة، رغم تعهدات الحكومة لأكثر من مرة) ويضيف قائلاً: (ان عودتهم هذه المرة مرهونة بوجود قوات الدعم السريع).
حرق ونهب
وبدأت الحياة تدب في المنطقة، والجميع هنا كان قد فقد ما يملك من ماشية وممتلكات، ويقول الشيخ: (إن الأحداث تجددت في بداية أغسطس من العام الماضي، وهذه المرة بسبب اعتداء متفلتين نهبوا وأحرقوا وقتلوا عدداً من الأبرياء، لنبدأ موجة نزوح جديدة وخسائر جديدة، ولكن كان لتدخل الدعم السريع بقيادة المقدم النور الدومة دور كبير في تثبيت ركائز الأمن، لما قامت به قواته من استتباب للأمن ومطاردة المتفلتين، وإدخال الطمأنينة في نفوس المواطنين الذين بدأوا يتوافدون على المنطقة في رحلة العودة الطوعية، وهذا يعود للدور الكبير لقوات الدعم السريع في تأمين الطرق والأسواق وتعهدها بتأمين الموسم الزراعي)، وقال انهم كمواطنين يتقدمون بالشكر الى نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، غير أنه شكا من تردي الخدمات في الصحة، بقوله: (يوجد مركز صحي واحد ولا توجد به خدمات)، مبيناً أن الدعم السريع يساهم أيضاً في إسعاف المرضى ونقلهم إلى مستشفيات كاس ونيالا، اما التعليم كما يقول الشيخ فيشهد انهياراً كبيراً مع حالات تسرب وسط التلاميذ تتجاوز نسبة 50%، واشار الى ان نسبة كبيرة منهم تجاوزوا مرحلة السن الدراسية، وقال: (توجد مدرسة واحدة ومعلم واحد فقط معين بصفة رسمية).
رغم شظف العيش
في بادرة اجتماعية تؤكد تلاحم المواطنين مع قوات الدعم السريع، رغم الظروف التي تمر بها منطقة برونقا، كان مشهد عدد من النساء يحملن وجبة الإفطار يتوافدن من قرى بعيدة على طريقة المائدة الدارفورية، ليكون مقر قوات الدعم السريع بالقرية محلاً للافطار، واستمر هذا التوافد حتى بعد مغيب الشمس دلالة على استجابة اهالي تلك المنطقة لاقامة هذا الافطار، وذلك على شرف الوفد الاعلامي الزائر.
وقد وجدت هذه المبادرة ترحيباً من قبل الحضور، وتقول مريم عبد الكريم انها سعيدة بتقديم وجبة الافطار الى الدعم السريع، مبينة ان قائد قوات استتباب الامن النور الدومة ورفاقه هم من تسببوا في عودتنا ووفروا لنا وسائل النقل.
تدمير كامل
لا شيء هنا يشجع على الاستقرار بقرية (مرايا بمحلية شطايا) احدى القرى التي نالت حظها من النزوح، فالحياة تبدو قاسية، والمنازل المشيدة من المواد المحلية تبدو خاوية، وارتكاز قوة من قوات الدعم السريع شجع البعض على العودة الى القرية المهجورة، وهناك ثلاث نساء ومعهن اطفال جلسوا داخل قطية، وتحدثت الي واحدة منهن حول الاوضاع بالقرية، ولكن يبدو ان عامل اللغة حال دون الرد، قبل ان يجيب عنها عبد الرحمن اسماعيل احمد بقوله: (بعد ان سمعنا بالاعتداء على قرية برونقا المجاورة لنا آثرنا المغادرة، ونعلم ان حياتنا وممتلكاتنا باتت في خطر، وبالفعل دخل الجناة في القرية ولم يتركوا لنا شيئاً، فحتى الدجاج نهبوه، والآن عدنا بسبب وجود الدعم السريع لحفظ الامن).
ومن ناحيته طالب الشرتاي فيصل عبد الله آدم عبد الجبار رئيس إدارة داردما، مكونات الحكومة الانتقالية ببسط هيبة الدولة وردع المتفلتين بالمنطقة، واعمال القانون ضد الخارجين، وقال: (ان محليتي كاس وشطايا عاشتا في أواسط يوليو الماضي رعباً وهلعاً تسبب في توقف عجلة التنمية ونزوح عدد من المواطنين، ولكن بفضل قوات الدعم السريع التى قامت بتعزيز الأمن وتأمين المواطنين ومساعدتهم على العودة إلى قراهم عبر تخصيص سيارات لنقلهم ووضع قوات تعزيزية في المنطقة، عادت الحياة الى طبيعتها وساهمت في نجاح الموسم الزراعي).
وحذر الشرتاي من انفجار الوضع الأمني ان لم ينتبه المسؤولون لهشاشة المنطقة مع انتشار السلاح غير القانوني. واشاد الشرتاي بالقائد محمد حمدان دقلو الذي سارع بتقديم الدعم المادي والكسائي والغذائي وتأمين عودة النازحين في العام الماضي وتأمين مناطق الزراعة، الامر الذي خلق جواً من الطمأنينة، وساهمت قواته في عملية زيادة الإنتاج، كما قامت بدورات تثقيفية حول السلم الاجتماعي.
وفي ذات السياق طالبت ممثلة المرأة بمنطقة برونقا التابعة لمحلية كاس بجنوب دارفور طيبة عبد الكريم، طالبت الحكومة الانتقالية بتوفير الأمن والاستقرار في مناطق جنوب جبل مرة التي ظلت تتعرض لهجمات المتفلتين.
تعهدات بتأمين الموسم
ومن جانبه أكد العمدة سعيد عبد الرحمن محمد احمد عمدة عمودية نوما نيابة عن شرتاوية شطايا، اكد أهمية الوجود الدائم لقوات الدعم السريع في محليات كاس وشطايا، لمواصلة دورها المتعاظم والمهم في بسط الامن وفرض هيبة الدولة.
نزاع الأراضي
ومن جانبها أعلنت قوات الدعم السريع عن خطة لحل مشكلة الأراضي بمحليتي (كأس وشطايا) عقب عيد الفطر، عبر التنسيق بين الإدارة الأهلية والأطراف صاحبة المصلحة بالمنطقة، في وقت شكا فيه عدد من المواطنين في قرى (مرايا وبرونقا وكايليك) من مشكلة الخلافات حول الأراضي، مؤكدين ان ما يواجه عملية العودة الطوعية بتلك القرى قضية النزاع في الحواكير.
وتعهد المقدم النور الدومة قائد متحرك استتباب الأمن بالدعم السريع بمحليتي كاس وشطايا، تعهد للمواطنين بحل مشكلة الأراضي التي حولها خلافات، ودعاهم إلى العودة لقراهم الأصلية واللحاق بموسم الخريف، وأضاف الدومة مخاطباً حشداً من المواطنين بمنطقة كايليك بولاية جنوب دارفور قائلاً: (عودوا إلى زراعتكم بغض النظر عن رغبتكم في العودة إلى قراكم الأصلية او الاستقرار في أي موقع تريدون)، منوهاً بأن المجتمعات هناك تعتمد على الزراعة، وان موسم الخريف المقبل يعتبر موسماً مهماً، وأضاف قائلاً: (مهمتنا حراستكم وتأمين حياتكم حتى تنعموا بالسلام والأمن).
بسط هيبة الدولة
وأكد الدومة أن قوات الدعم السريع جاءت منذ أغسطس 2020م إلى هذه المناطق بتوجيه من القائد الفريق أول محمد حمدان دقلو بهدف بسط الأمن وملاحقة المتفلتين، مبيناً انها تعمل بكل جد وأمانة في حماية المواطنين، وساهمت مساهمة فاعلة في عودة النازحين إلى قراهم وتأمين حياتهم الزراعية والتجارية، وبفضل ذلك كان الموسم الزراعي العام الماضي من افضل المواسم، متعهداً بمواصلة جهودهم التأمينية خلال الموسم الزراعي هذا العام، وأضاف قائلاً: (اننا سنعمل بالإضافة لعملنا التأميني على رتق النسيج الاجتماعي وإجراء المصالحات بين كل مكونات هذه المنطقة).
في قرية أم جرس
على بعد (17) كليومتراً وفي طريقنا الى زالنجي حاضرة ولاية وسط دارفور، توقفنا عند قرية (ام جرس) احدى القرى النموذجية التي انشأتها قوات الدعم السريع لتوفير الخدمات للرحل، وهذا ما بدا واضحاً داخل المدرسة، وكيف انها تشابه كثيراً من المدارس داخل المدن، وواضح ان مدير المدرسة والاستاذ الوحيد يبذل جهداً كبيراً تجاه المدرسة، من حيث الانضباط في الزي والاناشيد التي استقبلونا بها وباداء مميز، ويقول عمار يحيى في حديثه لـ (الإنتباهة): (هذه اول دفعة تستفيد من وجود المدرسة، وهناك رغبة كبيرة من الاهالي في تعليم ابنائهم بعد ان اتاحت لهم قوات الدعم السريع هذه الفرصة)، واشار عمار الى التفاوت في اعمار التلاميذ خاصة البنات، وان بعضهن تجاوزن الرابعة عشرة من العمر وهن بالصف الاول اساس، وهذا كما يقول عمار افضل من عدم التعليم، مشيراً الى ان المدرسة مازالت تحتاج الى الكثير، ونوه بعدم وجود اجلاس، فالتلاميذ يجلسون على الارض، كما لا يوجد اثاث في مكتب المعلمين، فضلاً عن النقص في المعلمين. وداخل الصف الاول يجلس التلاميذ على الأرض، وتقول جدة حافظ انها سعيدة بدخول المدرسة وانها ستواصل في تعليمها، وترغب في ان تصبح معلمة لتسهم في تعليم اهلها. وهكذا بدت قرية أم جرس تنعم بكثير من الخدمات رغم ما تعانيه في كثير منها، حيث ثمن العمدة الدومة مادري عمدة قرية أم جرس النموذجية جهود الدعم السريع المتمثلة في تشييد القرية النموذجية وتجميع عدد كبير من المواطنين في تلك القرية لتسهيل عملية تقديم الخدمات، مبيناً ان القرية أنشئت لتضم عدداً من الرحل، وبها مدرسة ومسجد وخلوة ومركز صحي. وقال ان القرية تضم أكثر من (400) أسرة، وتقدم العمدة بالشكر للفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع على هذا الجهد ونعمة الأمن والاستقرار الذي ينعم بها جميع مواطني كاس وشطايا، وقال: (ندعوه لإكمال جميله بتنفيذ مشروع المياه، ومد المركز الصحي بالكادر الطبي، فضلاً عن اجلاس التلاميذ).

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب
زر الذهاب إلى الأعلى