تونس الخضراء.. تصحيح مسار ثورة الياسمين

أعدها: المثني عبدالقادر الفحل
تجددت في تونس ثورة ياسمين جراء الأزمة السياسية المطالبة بتصحيح الثورة الأولى، حيث شهدت عدد من المدن التونسية خروج المواطنين بمناسبة عيد الجمهورية في تونس، ليقوموا بعدها بالتظاهر ضد حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي وحركة النهضة التابعة للإخوان المسلمين،وطاف الآلاف في الشوارع بمناسبة الذكرى 64 لعيد الجمهورية بدءاً من العاصمة و مروراً بعدة مدن أخرى كبرى مثل صفاقس وسوسة والقيروان وقفصة والكاف وسيدي بوزيد، ونشرت وزارة الداخلية، وحدات أمنية في أغلب شوارع العاصمة الرئيسية ومقر البرلمان ، ما أعاق تحرك المحتجين الذين دخلوا في مناوشات مع الشرطة وأطلقوا شعارات مناوئة للحكومة وحركة النهضة و زعيمها راشد الغنوشي ووصفته بالسفاح حيث هتف المحتجون: يا غنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح، والشوارع والصدام حتى يسقط النظام، كما هتفوا بشعارات مناهضة للسياسيين، من بينها فاسدة المنظومة، معارضة وحكومة، ولا خوف لا رعب، السلطة بيد الشعب، معتبرين أن كل السياسيين منشغلون بصراعات هامشية لا تمثلهم، واتهم المتظاهرون، حركة النهضة بسرقة أحلام الشباب.
مطالب الثورة
طالب المحتجون التونسيون بتغيير النظام السياسي وإسقاط البرلمان وهي تأتي بعد يوم من زيارة الرئيس قيس سعيد إلى مدينة قفصة في الجنوب، وسط الجماهير المطالبة بحل البرلمان،كما طالب المحتجون بتشكيل حكومة جديدة، إلى جانب إسقاط الطبقة الحاكمة، بعدها اقتحم المحتجون في مدن عدة مثل الكاف وتوزر والقيروان وسوسة مقرات حركة النهضة وعبثوا بمحتوياتها واقتلعوا واجهاتها قبل أن تتدخل قوات الشرطة وتطلق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وحاول عدد من المحتجين اقتحام مقر النهضة في القيروان، مرددين شعارات ضد الحركة ورئيسها، قبل أن يتم منعهم من قبل الوحدات الأمنية، ودانت حركة النهضة في بيان لها العنف ضد مقراتها فيما التزمت أغلب الأحزاب الصمت إزاء ما يحدث في الشوارع،وتأتي هذه التظاهرات تلبية لدعوة سابقة أطلقها نشطاء، وسط حالة من الغضب بسبب الأوضاع الاقتصادية وأزمة تفشي وباء كورونا، وعلى الرغم من تفشي فيروس كورونا والإجراءات الأمنية المشددة، استجاب العديد من التونسيين لدعوات التظاهر؛ حيث رأى كثيرون في ذلك إمكانية لإحداث تغيير حقيقي في تونس.
استجابة الرئاسة
استجابت رئاسة الجمهورية التونسية لمطالب المحتجين وأصدرت الرئاسة بيانا بقرارات الرئيس قيس سعيد التي اتخذها لحفظ أمن البلاد واستقلالها، وقالت الرئاسة التونسية، في بيانها، إنه بعد استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور، اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيّد، القرارات التالية لضمان سير دولاب عمل الدولة بإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما ورفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب ،كما تولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية، ودعت رئاسة الجمهورية التونسية، بهذه المناسبة الشعب التونسي إلى الانتباه وعدم الانزلاق وراء دعاة الفوضى.
بدوره قال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن من يطلق رصاصة واحدة على المتظاهرين سيطلق عليه الجيش وابلاً من الرصاص، مضيفًا: لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها، وأوضح سعيد، في كلمة للشعب، أن الشعب يواصل ثورته في ظل الشرعية وسيطبق القانون على الجميع، مشيرًا إلى أن الإجراءات المتخذة ليست تعليقًا للدستور، وأن هناك إجراءات أخرى ستتخذ تباعًا لمنع الدم في البلاد، وتابع: لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها ومن يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلا من الرصاص، وأكد لم نكن نريد اللجوء للتدابير على الرغم من توفر الشروط الدستورية ولكن في المقابل الكثيرون شيمهم النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب.
احتفالات عارمة
خرج آلاف التونسيين إلى الشوارع احتفالا بإعلان الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، وأظهرت مقاطع مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي شبابا تونسيين يحتفلون بقرارات سعيد فيما أطلقت سيارات أبواقها دعما لقرارات سعيد،وجاء إعلان الرئيس إثر موجة من الاحتجاجات الشعبية التي غزت الشوارع التونسية وشملت جميع المحافظات التونسية ووصلت إلى حد حرق مقرات حركة النهضة للتعبير عن غضبهم من المنظومة الحاكمة والمطالبة بحل البرلمان.
تأييد سياسي
أعلن عدد من الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة في تونس عن تأييدها للقرارات التى أصدرها الرئيس التونسى قيس سعّيد،وأصدر الرئيس التونسي، قيس سعّيد، اول أمس الأحد، جملة قرارات على نحو طارىء، جاء على رأسها تجميد عمل البرلمان برئاسة رشاد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، وأعربت حركة الشعب التونسية، في بيان امس الإثنين، عن تأييدها ومساندتها لقرارات الرئيس سعّيد، مؤكدة أنه لم يخرج عن الدستور وتصرف وفق ما تمليه عليه مسؤوليته في إطار القانون،واعتبرت الحركة قرارات الرئيس الأخيرة طريقا لتصحيح مسار الثورة الذي انتهكته القوى المضادة لها وعلى رأسها حركة النهضة الإخوانية والمنظومة الحاكمة برمتها.
بدورها دعت حركة الرئاسة التونسية إلى المحافظة على المكاسب التي تحققت في مجال الحريات العامة والخاصة والمنجز الديمقراطي الذي راهنت لوبيات الفساد على الانحراف به في اتجاه ديمقراطية شكلية بلا مضمون اجتماعي سيادي والتعامل مع الإجراءات الجديدة على أنها إجراءات مؤقتة أملتها الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد تزول بزوال أسبابها.
وأعلن حزب التحالف من أجل تونس مساندته لقرارات سعّيد، معربًا عن ثقته المطلقة في القوات العسكرية والأمنية وفي الإدارة التونسية وكل أجهزة ومؤسسات الدولة لتنفيذها، بما يحقق السلم الاجتماعي واستقرار البلاد وأمن المواطنين.
كما عقد حزب التيار الديمقراطي التونسي، اجتماعا طارئا لمكتبه السياسي وكتلته النيابية لمتابعة الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتي عمقتها عشية عيد الجمهورية أزمة دستورية. وقالت كتلة حزب التيار الديمقراطي إنها تحمل مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الإخوانية وحكومة هشام المشيشي.
ما هو الفصل 80 من الدستور التونسي؟
أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، حزمة من القرارات الحاسمة والمصيرية التي تبدأ مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، حيث حكومة هشام المشيشي، وجمد البرلمان الذي يسيطر عليه حركة النهضة لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن جميع أعضائه، وتوليه رئاسة السلطة التنفيذية بمفرده، جاءت قرارات سعيد بعد ساعات من اندلاع مظاهرات حاشدة ضد حركة النهضة الإخوانية والحكومة وتحميلهما مسئولية سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية في تونس وانتشار البطالة والفساد،واستند الرئيس التونسي في خطابه إلى الفصل 80 من الدستور التونسي الخاص بالإجراءات الاستثنائية، وقال إن الدستور وإن كان يمنع حل البرلمان إلا أنه لا يمنع تجميد صلاحياته أو إزالة مزايا أعضائه، فما هو الفصل 80 من الدستور التونسي؟ وهو نص يقول إنه لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذٌر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، وإعلان تلك التدابير في بيان إلى الشعب، ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدوالب الدولة في أقرب وقت، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلٌ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة،وبعد مضي ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتٌ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه، وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما،ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها ،ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب.
مخطط اغتيال قيس
شكك مقربون من الرئيس التونسي قيس سعيد، في نتائج التحقيق المعلنة لحكومة (حركة النهضة) المُقالة حول محاولات استهداف الرئيس المتكررة والمخاطر التي هددت سلامته الجسدية في حوادث مختلفة، تعلقت بمحاولات تسميم أعلنت عنها رئاسة الجمهورية، وتهديدات بالتصفية والاغتيال عبر عنها الرئيس نفسه في أكثر من تصريح،حيث كانت وزيرة العدل والناطقة الرسمية باسم الحكومة، حسناء بن سليمان، قد أعلنت في جلسة أمام البرلمان أن نتائج التحقيقات حول حادثة الظرف المسموم الذي تم توجيهه لرئيس الجمهورية، وحادثة دس مادة مشبوهة بعجين الخبز الموجه للقصر الرئاسي، إلى جانب ما ورد من تصريحات في منتصف يونيو الجاري بشأن محاولة اغتياله، لم تؤكد فرضية استهداف الرئيس في أي من الحوادث المذكورة، بعد متابعة من النيابة العمومية والجهات القضائية،بل وذهبت النتائج بالانتهاء وحفظها لعدم كفاية الأدلة، فيما جاءت نتائج الاختبارات الفنية المجراة على الظرف المسموم سلبية، ولا تزال القراءات بشأن هذا الملف متواصلة،وعلّق الناشط السياسي رياض جراد، المعروف بقربه من رئاسة الجمهورية، بأن تصريحات وزيرة العدل ليست محل ثقة، خاصة أنها عضوة في حكومة معارضة لرئيس الدولة وسياساته، وقال جراد إن كل التحقيقات التي تم فتحها في عهد حكومة هشام المشيشي المدعومة من حركة النهضة، لم تساهم في كشف الحقيقة، بل ساعدت على دفنها،وكان الرئيس قيس بن سعيد قبل أسابيع كشف بشكل مباشر أن بعض الأطراف في البلاد حاولت الاستعانة بجهات أجنبية لتنفيذ مخططاتها ضده، في إشارة واضحة للإخوان دون ذكرهم صراحة ، وأضاف: من كان وطنياً مؤمناً بإرادة الشعب لا يذهب للخارج سراً بحثا عن طريقة لإزاحة رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال، حتى ولو بالاغتيال، وحول مخطط اغتيال قيس سعيد، قالت مصادر مطلعة إن معلومات الرئيس التونسي صحيحة ومؤكدة ووصلته من تقارير استخبارية ، وأشارت أصابع الاتهام إلى وقوف حركة النهضة وراء محاولة الاغتيال خاصة وأن الرئيس التونسي لمح في خطابه إليها مرارا وتكرارا.
اعتداء على الثوار
أفادت معلومات أن موكب راشد الغنوشى تعرض للرشق بالحجارة أمام مقر البرلمان التونسي، وذلك بعد أن فشل في دخوله، فيما منع الجيش التونسي رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، وعددا من النواب ضمن كتلته من دخول مبنى البرلمان، في ساعة مبكرة من صباح امس الاثنين، بعد قرار الرئيس التونسي بتجميد عمل مجلس النواب،الى ذلك تعدى عدد من أنصار حركة النهضة ، على مجموعة من المواطنين المتجمهرين أمام مقر البرلمان التونسي ردا على رشق الغنوشي بالحجارة. وفي تطور متصل أعفى الرئيس التونسي قيس سعّيد، وزيري الدفاع والعدل بالنيابة من منصبيهما، مكلفًا العاملين بالشؤون الإدارية والمالية بالوزارتين تصريف أمورهم لحين تسمية حكومة جديدة.
قلق أمريكي وتأييد الماني
أعرب السيناتور الأمريكي بوب ماناندز عن قلقه البالغ إثر التطورات التي تشهدها تونس، داعيا إلى تجنب العنف، في السياق قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر، امس الاثنين، إن برلين قلقة من الاضطرابات السياسية المتصاعدة في تونس وتدعو إلى إعادة البلاد إلى حالة النظام القانوني الدستوري، ومع ذلك ترى أن ما حدث ليس انقلابا.
نجوم تونس
تضامن عدد من النجوم التونسيين مع قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، بتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، إلى جانب إقالة الحكومة، وحرصوا على مشاركة تضامنهم عبر حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وكتب النجم صابر الرباعي، عبر حسابه بموقع انستغرام :عاشت تونس و شعبها وربي ينصرنا على الخونة و الانتهازيين ..تونس النصر بلادي، فيما كتبت درة عبر خاصية ستوري :تحيا تونس وربي يحفظ تونس وأهلها،كما نشرت النجمة التونسية لطيفة شعار العلم التونسي، عبر حسابها الشخصي بموقع إنستغرام، لدعم قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب استنادا إلى الفصل 80 من الدستور، حيث كتبت قائلة يا رب تونس.