إيران في “إعلان الرياض” ..تهدئة أم تصعيد!!

بقلم:حاتم السر سكينجو المحامي*
في ظل الظروف والاوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة ووسط العديد من التحديات وتباين المواقف حول جملة من القضايا المطروحة في الساحة الخليجية جاء انعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض بمشاركة قادة دول الخليج العربي الستة ورغم كل التكهنات التي سبقت القمة وتضارب التوقعات والتصريحات الا ان القمة قد سجلت نجاحا كبيرا وتوصلت باجماع قادتها الي نتائج ملموسة ذات بصمة خليجية خاصة وجاء بيانها الختامي مشتملا علي جملة من القضايا والموضوعات المهمة سوف نخصص هذا المقال لقراءة سريعة حول الملف الايراني في “إعلان الرياض” ومعرفة ما اذا كان القادم سلام أم صدام ..تقدم أم تراجع.. تهدئة أم تصعيد!!
تشديد وتجديد القمة الخليجية في “إعلان الرياض” علي تماسك ووحدة دول الخليج العربي وتضامنها لمواجهة التحديات وتاكيدهم علي أن أمن دول المجلس وحدة غير قابلة للقسمة أو التجزئة وإن أي عدوان أو إستهداف أو إعتداء علي واحدة من الدول الأعضاء يعتبر إعتداء علي الجميع ستتصدي له كل الدول الخليجية بشكل جماعي وهنا بالطبع تبرز التهديدات الراهنة التي يقف من ورائها النظام الايراني ويعتبر هذا القرار من أهم الرسائل الصادرة من القمة الخليجية والموجهة لنظام الملالي الايراني كما إنه شكل مدخلا قويا وذكيا لتناول الملف الايراني ومناقشته في القمة وإصدار قرارات غاية في الاهمية بشأنه ظهرت بشكل واضح في العديد من فقرات البيان الختامي مما يؤكد أن الملف الايراني كان حاضرا بقوة في قمة الرياض ونال صدارة القضايا الاقليمية التي جري بحثها.
من خلال رصد ومتابعة تناول ما جاء في “إعلان الرياض” لقمة مجلس دول التعاون الخليجي رقم 42 بخصوص الملف الايراني يتضح جليا وجود إرادة جمعية هذه المرة لدى قادة دول المجلس علي التعامل بشكل جدى وبطريقة مختلفة مع الملف الايراني عكست ذلك الدعوة التي أطلقها القادة الي تحرك جاد وفعال لمواجهة الخطر والتمدد الايراني مؤكدين بالاجماع علي إدانة سلوكيات وسياسات نظام الملالي الايراني في أكثر من بند. حيث أكد المجلس الأعلى إدانته لمواصلة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران للأعمال العدائية والعمليات الإرهابية بإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة وإطلاق القوارب المفخخة والمسيّرة عن بعد لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، وأعطى القادة العرب الضوء الأخضر لقيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن لاتخاذ وتنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل مع هذه الأعمال العدائية والإرهابية.ومن ثم عرج المجلس الأعلى الي إدانة مواصلة النظام الايراني دعمه للأعمال الإرهابية والتخريبية في مملكة البحرين. ومجدداً دعوته لإيران للتوقف عن دعم الإرهاب وإثارة النعرات الطائفية في دول المجلس.ودلف الي ادانة استمرار النظام الإيراني في دعم الجماعات الإرهابية والميلشيات الطائفية في العراق ولبنان وسوريا واليمن وغيرها، التي تهدد الأمن القومي العربي وتزعزع الاستقرار في المنطقة، وتعيق عمل التحالف الدولي لمحاربة داعش.وأفرد البيان الختامي بندا خاصا باحتلال إيران للجزر الثلاث التابعة للامارات العربية المتحدة مؤكدا علي مواقفه الثابتة وقرارته السابقة بشأن إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التابعة للإمارات العربية المتحدة، معتبرا أن أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تُجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث.
تعددت الرسائل الصادرة عن قمة الرياض في بريد نظام الملالي الايراني بيد أن أهمها واخطرها تلك التي أعرب من خلالها المجلس الأعلى عن القلق من الخطوات التصعيدية التي تتخذها إيران لزعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي ورفضه لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانته لأي أعمال تهدف الى التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية ، مؤكداً على ضرورة الكف والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، وإيقاف دعم وتمويل وتسليح الميليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لاستهداف المدنيين، وتهديد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي.
أما الجديد هذه المرة في تعاطي دول الخليج العربي الستة مع الملف الايراني فهو تأكيد المجلس الاعلى على ضرورة مشاركة دول المجلس في أي مفاوضات مع إيران، وجميع المباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية المتعلقة بالملف النووي الايراني، نظراً لما لهذا الملف من أهمية قصوى تتعلق بأمن وسلامة واستقرار دول المنطقة، مؤكدا على ضرورة معالجة السلوك المزعزع لاستقرار المنطقة، ودعم الميليشيات الطائفية المتطرفة، وبرنامج الصواريخ الإيرانية بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة، وسلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية، واستمرار التنسيق والتشاور مع الدول الشقيقة والصديقة في هذا الشأن.
لقد أثبت نظام الملالي الايراني بسلوكه المزعزع لاستقرار منطقة الخليج العربي وتدخله في شؤونها الداخلية أنه من الصعب الوثوق بما يعلنه أو يبديه من أقوال مخالفة للافعال وبالتالي نجح باستفزازاته وسياساته العدوانية في ترسيخ القناعة لدي قادة دول مجلس التعاون الخليجي بعدم جدوي التعامل مع النظام الايراني بنفس الطريقة القديمة طالما أنه مصر علي الاستمرار في التدخل في شؤونها الداخلية و تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية،و دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات،وتمويل وتسليح الميليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تزويدها بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لاستهداف المدنيين، وتهديد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي. ويبقي التاكيد علي أن ما صدر عن قمة الرياض الاخيرة التى جاء إنعقادها فى سياق سياسى مختلف وفي ظل أجواء إيجابية وفرتها لقمة الرياض الجولة الخليجية المهمة التى قام بها ولى عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز والذي نجح في وضع حد لحالة البرود الدبلوماسى والسياسى الذى كان سائدا قبل القمة وتمكن من ضخ دينامية جديدة فى العمل الخليجى المشترك أنهت عصر الخلافات التي كانت تجيد ايران استغلالها لتمارس سياسة فرق تسد وتوج ذلك بصدور واحد من أهم بيانات مجلس دول الخليج العربي مشتملا على سياسة خليجية جديدة تجاه التعامل مع إيران ليؤكد أن اليوم ليس كالامس فهل يا ترى تستوعب دولة الملالى الايرانية الرسالة الجديدة!!
فى ضوء محدودية الخيارات والبدائل الفاعلة لتعامل دول مجلس التعاون الخليجى مع دولة الملالى الايرانية فان الطريق الوحيد الذى يضمن إنهاء حالة التوتر المسيطرة حاليا على المشهد ويضمن إعادة بناء الثقة بين دول مجلس التعاون الخليجى وايران وينهى حالة القلق المشروع الذى عبرت عنه دول المجلس فى إعلان الرياض من الخطوات التصعيدية التى ظلت تتخذها دولة الملالى الايرانية لزعزعة الأمن والاستقرار الاقليمى والتدخل فى شؤونها الداخلية هذا الطريق يبدأ بارسال رسالة فى بريد الملالى واستخدام ورقة ضعط جديدة مفادها إستعداد دول مجلس التعاون الخليجى لاستخدام حقها المشروع وتنفيذ ما تراه مناسبا للحفاظ على أمنها واستقرارها واضعة فى الاعتبار إمكانية دعم نضال الشعب الايراني ممثلا في الانتفاضات الشعبية التى عمت أنحاء إيران ومساندة المقاومة الايرانية والمعارضة التي تجاهد من أجل تحرير إيران وتحويلها لدولة ديمقراطية تلتزم بميثاق الامم المتحدة والقانون الدولى ومبادىء حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية.
*خبير قانوني ووزير سوداني سابق.
من أجل تحرير إيران وتحويلها لدولة ديمقراطية تلتزم بميثاق الامم المتحدة والقانون الدولى ومبادىء حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية.
*خبير قانوني وكاتب سياسي.