مشابك سياسية..(أحداث) و (أحداث)

إعداد: هبة محمود
تتسارع الأحداث في البلاد وتتباطأ، لكنها لا تنتهي ابداً، فمنذ سقوط البشير ٢٠١٩م والأوضاع في فترة الانتقال تتشابك هنا وهناك، وتتلاحق في قاسم مشترك واحد يجمع بينها، عنوانه العريض هو البحث عن كيفية الخروج من الازمة والمأزق معاً، مما يجعل الجديد حاضراً في الأحداث بل ومتوالياً. ومع هذا التلاحق والتشابك، نظل نستعرض ونحلل ونقف على مجريات الاحداث وفق ممكن ومُتاح المساحات، خلال مشابك الأسطر التالية:
بعد شهر من تأجيل الزيارة
خبير حقوق الإنسان في السودان غداً.. الملف الأصعب
في إطار الوقوف على أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، يسجل غداً الأحد خبير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان أداما ديانغ، أول زيارة رسمية له. والزيارة بحسب الأمم المتحدة تأتي عقب شهر من تأجيلها بناءً على طلب الحكومة، ووفق ما نقلت وكالات فإن أجندة الزيارة التي سوف تستغرق أربعة أيام، تتضمن لقاء ديانغ مع كبار المسؤولين في الحكومة، بجانب ممثلي منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ورؤساء كيانات الأمم المتحدة والدبلوماسيين.
ويرى متابعون أن الزيارة تشكل هواجس بالنسبة للحكومة، سيما في ظل استمرار عمليات القتل والقمع والاعتقالات التي تطول السياسيين والناشطين ولجان المقاومة، وهو ما يتنافى مع حقوق الإنسان، خاصة أن ديانغ كان قد دعا في (تغريدة) له على (تويتر) السلطات إلى ضمان إجراء تحقيقات سريعة ومستقلة ونزيهة في عمليات القتل والإصابات والاحتجاز التعسفي للمتظاهرين وأعضاء لجان المقاومة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، كما أعرب عن قلقه عقب مليونية الإثنين الماضي إزاء قتل اثنين من المتظاهرين.
وتفتح زيارة ديانغ الباب على مصراعيه أمام عدد من التساؤلات حول طرح ومبررات الحكومة للرجل إزاء الأحداث التي تشهدها التظاهرات من عمليات قمع وقتل على الملأ، كما تفتح الباب أيضاً حول مهمة الخبير في كتابة التقرير وما سيترتب عليه.
ويرى خبراء في الشأن السياسي أن الحكومة بتأجيلها الزيارة ومن ثم السماح بها، أمر يقرأ في إطار الترتيبات التي قامت بها، وبدأت منذ تشكيل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لجنة تقصٍ في الأحداث التي صاحبت مليونية (١٧) يناير التي سقط جراءها عدد من القتلى، وعلى الرغم من أن اللجنة لم تكشف عن نتائج إلا أن الأمر يأتي من باب حسن النوايا، فضلاً عن نفي الحكومة المتكرر قتل المتظاهرين، والحديث عن طرف ثالث، وبحسب المحلل السياسي خالد البشير لـ (الانتباهة) فإن الزيارة تعتبر في صالح الحكومة حتى يقف الخبير بنفسه على الأوضاع، مؤكداً أن هذه المنظمات الحقوقية غالباً ما تستقي معلوماتها من الناشطين ووسائل التواصل الاجتماعي، ويرى البشير أن الحكومة قامت بعمليات تنظيف بأن أطلقت سراح عدد من المعتقلين، هذا بخلاف تعهد حميدتي بإطلاق سراح المعتقلين إن لم يكونوا مدانين بتهم أخرى، غير أنه عاد وأكد أن ملف الشهداء سيكون هو الأصعب والأخطر على الحكومة التي لا تستطيع تنظيفه إلا بالقبض على الجناة.
في أول لقاء لها مع البرهان أمس الأول.. القائم بالأعمال الأمريكية.. (نقطة عبور)
في توقيت تشهد فيه البلاد حالة من الاحتقان، التقى أمس الأول رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، القائم بالأعمال الأمريكي لوسي تاملين التي تم تعيينها أخيراً من قبل بلادها. والمهمة وإن بدت عصية على سيدة وفق مراقبين وذلك بحسب الأوضاع التي تمر بها البلاد، إلا أن ثقة بلادها في مقدراتها تبدو كبيرة، فعند تعيينها قائماً بالأعمال قال وزير الخارجية الأمريكي توني بلنكن إن السفير تاملين سيتم إرسالها إلى السودان خلال هذا المنعطف الحرج في التحول الديمقراطي بالبلاد، لثقة واشنطون الكاملة بها، مؤكداً أنها ستعمل في هذا المنصب في انتظار ترشيح وتأكيد سفير الولايات المتحدة لدى السودان.
واللقاء وفق مراقبين كان من الأهمية بمكان لاعتبارات كثيرة، في أولها أنه شهد حالة من الانسجام بخلاف اللقاءات السابقة مع القائمين الذين توالوا على المنصب وكانت تسودها حالة من الحذر والتقرب، وذلك للطبيعة الأمنية للقائمين السابقين، فضلاً عن تحول نظرة الولايات المتحدة تجاه السودان بابتعاث سيدة دبلوماسية. وأكدت تاملين خلال اللقاء دعم بلادها سياسياً ومادياً مبادرة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، من أجل حوار يقود لتوافق سياسي بين مكونات الشعب السوداني. ويرى المحلل السياسي محجوب محمد أن الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تعيينها تاملين تعني أنها بدأت تنظر للسودان على أنه ملف علاقات وليس ملفاً أمنياً، مؤكداً في حديثه لـ (الإنتباهة) أن اللقاء أمس الأول اتسم بالأريحية، سيما أن القائم بالأعمال تعتبر دبلوماسية في المقام الأول، منوهاً بأن أمريكا في هذا المنصب دائماً ما كانت تبتعث رجل مخابرات للتعامل مع ملف السودان.
الجدير بالذكر أن بلينكن اعتبر تاملين العضو المهني في السلك الدبلوماسي الأقدم، وحاصلة على درجة مستشار، مؤكداً أنها ستمارس مهام منصبها الجديد، وذلك بعد ترشيح بريان شوكان في منصب سفير للولايات المتحدة في جمهورية بنين.
قال إنه غير متفائل..فولكر.. هل استعصت المهمة؟
شكك رئيس البعثة السياسية المتكاملة للأمم المتحدة فولكر بيترس في قيام الانتخابات في يوليو من عام ٢٠٢٣م، وقال في حوار عبر (بودكاست) لموقع (المونتر) في واشنطون إنه متفائل رغم الصعوبات التي تواجه العملية السياسية في السودان، وقال إن قرارات البرهان في (٢٥) أكتوبر التي وصفها بالانقلاب، نتيجة طبيعية لشكل الشراكة بين المكون المدني والعسكري التي انتجتها الوثيقة الدستورية الموقعة بين الطرفين في عام ٢٠١٩م، وأوضح أن الطرفين لديهما تحفظات موضوعية، إذ يتهم المكون العسكري مجموعة صغيرة من الأحزاب باختطاف العملية السياسية، وتتهم الأحزاب المكون العسكري بهروبه من تسليم رئاسة المجلس للمدنيين.
واعترف فولكر في حديثه بالصعوبات التي تواجه التحول الديمقراطي، وشكك في قيام الانتخابات في الموعد الذي أعلنه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في يوليو ٢٠٢٣م، لعدم تكوين مفوضية الانتخابات وإجازة قانون الانتخابات وإنجاز التعداد السكاني. وشدد على أنه نقل للبرهان أن الانتخابات تحتاج إلى (١٨) شهراً على الأقل، ولا توجد حتى الآن حكومة أو رئيس وزراء.
وأشار فولكر إلى أن بعض القوى المدنية تتحفظ على قيام الانتخابات في وقت قريب لمزيد من التحضيرات، مؤكداً على ضرورة قيام الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية، ولفت الى أن نهاية ديسمبر ٢٠٢٣م أو يناير ٢٠٢٤م ربما تكون مواقيت مناسبة إذا تم إنجاز التحضيرات والاتفاق السياسي.
ومن جانبه يرى المحلل السياسي وهبي السيد في حديثه لـ (الانتباهة) أن المهمة عصية جداً أمام المبعوث الأممي في ظل حالة التشظي التي تشهدها القوى المدنية والاصطراع فيما بينها، منوهاً بأن المكون العسكري يمضي في إجراءاته دون هوادة. ونوه في ذات الوقت بأن رسائل البرهان خلال لقائه الأخير على شاشة التلفزيون القومي مضت في اتجاه عدم الرضاء بمبادرة فولكر.
وتتهم قوى الحرية والتغيير المكون العسكري وأتباع النظام السابق بالعمل ضد المبادرة، وذلك من خلال المسيرات المناهضة لها.